فأهل السنة في باب الوعيد، المراد بالوعيد ما توعد الله به العصاة من أهل كبائر الذنوب من الموحدين، كما توعد الله القاتل، وآكل مال اليتيم، وآكل الربا، وتوعد ما توعد به من فر من الزحف، وتوعد به -مثلا- القاذف للمحصنات الغافلات المؤمنات، وما أشبه ذلك من نصوص الوعيد.
الوعيد هو -يعني- الوعد بالعذاب والعقاب، أهل السنة وسط في نصوص الوعيد بين المرجئة الجهمية، والوعيدية من الخوارج والمعتزلة.
فالمرجئة عندهم -يعني نظرتهم إلى الوعيد- نظرة ضعيفة؛ لأن عندهم أن الإيمان هو التصديق فقط، أو المعرفة فقط، قريب من قريب، إذن يقولون قولتهم المشهورة: " إنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة "، انتهي إذن الوعيد، راح، ما في وعيد، ليفعل المسلم، يفعل ما يشاء ولا يخاف، هذه نظرة المرجئة إلى وعيد الله، ينظرون إليه نظرة، يعني نظرة تهوين وتهاون، وغفلة وإعراض، لا يقيمون له وزنا.
أما الوعيدية فيقولون: إن الوعيد الذي توعد الله به العصاة هذا حتمي، فمن مات مصرا على كبيرة فلا بد له من دخول النار، وإذ دخل النار فلا بد له من الخلود فيها.
من هم الوعيدية؟ الخوارج والمعتزلة، الخوارج والمعتزلة هم الوعيدية، فهم يتفقون -الخوارج والمعتزلة يتفقون- على تخليد مرتكب الكبيرة في النار، يقولون: إنه مخلد في النار.
وأهل السنة والجماعة وسط في هذا المقام، يؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة من الوعيد، مما توعد الله به في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما توعد به من عصاه وخالف أمره.