وسط في هذا الباب، في باب أسماء الإيمان والدين، أو في باب الأسماء والأحكام، بين الحرورية -الحرورية اسم للخوارج نسبة إلى الموضع الذي خرجوا فيه: حروراء، الحرورية نعم الحرورية- والمعتزلة، يعني الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، هذا الانقسام يتعلق أيضا بمرتكب الكبيرة.
لكن القضية الأولى الوعيد يتعلق بالآخرة، حكمه في الآخرة، وقد علمنا حكم مرتكب الكبيرة في الآخرة عند أهل السنة، وعند الخوارج، والمعتزلة، وعند المرجئة، والجهمية.
لكن حكمه في الدنيا: الحرورية يقولون: إن مرتكب الكبيرة العاصي بارتكاب ما نُهي عنه هو كافر، يخرج عن الإيمان ويدخل في الكفر، كافر حلال الدم والمال مرتد.
والمعتزلة يقولون: لا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا هو مؤمن ولا كافر، وهذا أصل من أصولهم، كما أن من أصولهم إنفاذ الوعيد، يعني حتمية الوعيد كما تقدم، أي ما توعد الله به من عصاه.
وأما المرجئة فيقولون: أبدا، العاصي مؤمن كامل الإيمان، العاصي مؤمن، الإيمان هو التصديق، فكل من كان عنده التصديق بربوبيته تعالى، وتصديق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو مؤمن كامل الإيمان.
العاصي مؤمن، انظروا كيف التقابل والتناقض، الخوارج يقولون: كافر، المعتزلة قالوا: هو في منزلة يخرج عن دائرة الإيمان، وليس بمؤمن، المرجئة يقولون: بل هو مؤمن كامل الإيمان.
أهل السنة بين ذلك، يقولون: من أظهر الإيمان وأبطن الكفر فهو منافق، من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب وأصر عليها فهو فاسق، وهو مؤمن كما سيأتي في فصل، يعني مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، مؤمن ناقص الإيمان مثلا، فلا يسلبون عنه اسم الإيمان المطلق، لا يسلبون عنه مطلق الاسم، ولا يعطونه اسم الإيمان المطلق، لا يعطونه الاسم المطلق، ولا يسلبونه مطلق الاسم، يقولون مؤمن ناقص الإيمان.