والقول في هذه الصفات كلها المتقدمة كالقول فيما سبق، أهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات، ويؤمنون بأنها لا تماثل صفات المخلوقين، المخلوق يوصف بالعزة، ويوصف بالسمع ويوصف بالبصر، ويوصف بكل هذه الصفات لكن على ما يليق به ويختص به، فليس مَكْرُهُ تعالى كمكر العباد، ولا كيده ككيدهم، ولا ولا ولا …
كما قلنا فيما تقدم، وليس سمعه كسمع المخلوق، ولا بصره كبصره، وتعالى وتقدس، بل صفة الخالق تليق به وتختص به، وصفة المخلوق تناسبه وتختص به، صفات المخلوق مخلوقة، صفات المخلوق حادثة، صفات المخلوق قابلة للزوال، صفات المخلوق ناقصة، أما صفات الخالق فليست كصفات المخلوق لا يلحقها نقص ليست مخلوقة، فصفات الخالق ليست مخلوقة، فيجب الفرق بين هذا وهذا، بين اسم العزيز والسميع والبصير، وسائر الأسماء، وسائر الصفات المضافة لله، وسائر الأسماء والصفات المضافة للعباد المخلوقة لله فيه {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [2] } [1] .
قال في المخلوق: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [2] } [2] وقال في شأنه سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) } [3] {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) } [4] {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) } [5] فليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.
وهكذا يقال في سائر الأسماء: ليس العزيز كالعزيز، ولا الرحيم كالرحيم، كما نقول في سائر الصفات: ليست محبته كمحبة المخلوق، ولا مشيئته كمشيئة المخلوق، مشيئة المخلوق محدودة، المخلوق قد يشاء ما لا يكون، وقد يكون ما لا يشاء، وهذا شأن المخلوق، والمخلوق مشيئته مرتبطة بمشيئة الله {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [6] . [1] - سورة الإنسان آية: 2. [2] - سورة الإنسان آية: 2. [3] - سورة النساء آية: 58. [4] - سورة النساء آية: 134. [5] - سورة الشورى آية: 11. [6] - سورة الإنسان آية: 30.