فهو معهم يراهم، ويسمع كلامهم، ويعلم سرهم وعلانيتهم، وهو -تعالى- يحفظهم، ويكلؤهم، وينصرهم، ويؤيدهم، فالمعية الخاصة هي معيته -تعالى- لأوليائه المتقين وعباده المؤمنين وأوليائه الصالحين، وهي تقتضي ما ذكرت من التأييد والنصر والحفظ وغير ذلك، من أسباب السعادة، تيسير الأمور.
وقد عقد شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية فصلا؛ لبيان أنه لا منافاة بين العلو والفوقية، وبين المعية، وهو الفصل الثاني عندكم، الفصل الثاني، الفصل الثاني فيه بيان حقيقة المعية، يعني: مطلقة مع حقيقتها في اللغة، وبيان أنه لا منافاة بينها وبين علوه -سبحانه وتعالى- فمن الإيمان بالله وكتبه ورسله الإيمان بما أخبر به عن نفسه، من أنه -تعالى- فوق خلقه مستوٍ على عرشه، وأنه معهم أينما كانوا، يقول شيخ الإسلام: وقد جمع الله بين هاتين الصفتين، يعني: العلو والفوقية، وبين المعية في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ} [1] في آية واحدة، جمع بين إثبات العلو بذكر الاستواء؛ لأني قلت لكم بالأمس إن أدلة الاستواء على العرش، هي من جملة أدلة علوه -تعالى- على خلقه.
فدلت الآية على إثبات العلو والاستواء على العرش وإثبات المعية، ولا منافاة بين إثبات هذا وذاك. [1] - سورة الحديد آية: 4.