وأهل الضلال الذين أصلوا أصولهم الباطلة ومن أصولهم أنه -تعالى- لا تقوم به أي صفة هو ذات مجرد فهؤلاء ينفون حقيقة الوجه واليدين والعينين، إثبات هذا لله تشبيه فينفون عن الله الوجه ليس له وجه وليس له يدان يفعل بهما ويخلق بهما وليس له عينان أبدًا ينفون هذا كله وهذا ردٌّ لما أخبر الله به ورسوله ويسلكون في هذه النصوص ما ذكرت في الليلة الماضية يسلكون فيها إما طريقة التفويض يقولون: هذه النصوص تُقرأ ولا تتدبر ولا يُفهم منها شيء ولا تدل على إثبات صفات له -سبحانه وتعالى- تقرأ على القاعدة فقط ولا يوقف عندها ولا يتدبر معناها وآخرون يتأولون هذه النصوص يؤولونها، يؤولون الوجه، يقولون: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [1] الوجه هذه كلمة زائدة والمعنى ويبقى ربك هذه الصفة ما لها يعني يصح حذفها أولا من الكلام الله -تعالى- أو المراد بالوجه يعني نفس الذات.
فيبقى وجهه يعني ذات ربك أو الثواب وهذه أي ويبقى ثواب ربك وهذه من تأويلاتهم الباطلة وهي سمجة ولا موجب لهذا إلا أصلهم الباطل وهو نفي صفات الرب -سبحانه وتعالى- فلما أصلوا الأصل الباطل لا بد أن يقفوا من هذه النصوص موقف يبتغون مرافقها لمذهبهم الباطل فيحرفونها وهكذا اليدين يؤولونها بكذا بكذا بالقدرة اليد القدرة، اليد النعمة، وهذه تأويلات تخالف سياق الكلام ولا أصل لها من لغةٍ ولا شرع ولو كان قوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [2] يعني القدرة له قدرة ولا يقال لله قدرة ونعمه كثيرة لا تحصى ولو كان معنى {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [3] يعني بقدرتي مثلًا فلآدم خصوصية فالكل مخلوق بقدرة الله -سبحانه وتعالى-. [1] - سورة الرحمن آية: 27. [2] - سورة ص آية: 75. [3] - سورة ص آية: 75.