وقوله تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} 1.
القسم الثاني: قسم خاص بالأنبياء والرسل وعباده المؤمنين دل على هذا القسم قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} 2.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 3.
والرحمة المضافة إلى الله ـ تعالى ـ نوعان:
النوع الأول: من إضافة المفعول إلى فاعله ومثال هذا النوع الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احتجت الجنة والنار..... الحديث وفيه: "فقال للجنة إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي" 4 فهذه رحمة مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى خالقه، وسماها رحمة لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة وخص بها أهل الرحمة، وإنما يدخلها الرحماء.
النوع الثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى موصوف وذلك مثل قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 5 ورغم كثرة النصوص في إثبات صفتي الرحمة والمغفرة وثبوتها لله ـ عز وجل ـ حقيقة على ما يليق بجلاله وعظيم سلطانه فإنه قد وجد من أنكرها ووجد من أولها تأويلاً باطلاً بغير المراد منها، فالجهمية مذهبهم كما هو معلوم إنكار صفات الله ـ تعالى ـ وأسمائه كلية لا يثبتون له صفة ولا اسماً6. ووافقهم المعتزلة في نفي صفاته ـ تعالى ـ وأثبتوا له أسماءاً بدون صفات7. وهاتان الطائفتان متفقتان على نفي صفة الرحمة والمغفرة، فقد زعموا أن الرحمة ضعف وخور في الطبيعة وتألم على المرحوم وبناءاً على هذه الشبهة الباطلة نفوها كلية ويزعمون أن هذا من التنزيه وهو في
1- سورة غافر، آية: 7.
2- سورة الأحزاب، آية: 43.
3- سورة التوبة، آية: 117.
4- صحيح البخاري 3/182.
5- بدائع الفوائد 2/183 والآية رقم: 56 من سورة الأعراف، وانظر هادي الأرواح ص258.
6- مجموع الفتاوى 12/507، 205.
7- المصدر السابق 3/20.