الله حيث قال: "وكانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ... وهم الذين بعث الله ـ تعالى ـ إليهم إبراهيم خليله صلوات الله عليه فدعاهم إلى الله وحاجهم بالحجاج الذي بهرهم به وأقام عليهم به الحجة من حيث لم يمكنهم دفعة"اهـ1.
فالإنسان حين يسعى في تعطيل عقله عما خلق له فإنه يوقع نفسه في السخافات والمهانات والتذلل للمخلوقات مثله وبذلك يفقد تكريمه الذي نوه الله به في كتابه كما يفقد تفضيله على كثير من المخلوقات فيتدنى حتى يضل عن سواء السبيل فهذه المخلوقات العجيبة المبثوثة في أرجاء هذا الكون علويه وسفليه لم تخلق لتعبد من دون الله وإنما جعلها الله دلائل واضحات وآيات بينات على وحدانيته وتفرده بالعبادة، وجميع المخلوقات التي يشاهدها الإنسان والتي لم يشاهدها كلها خاضعة لله طوعاً وكرهاً قال ـ تعالى ـ ناهياً عباده عن أن يسجدوا للشمس والقمر وآمراً لهم بالسجود له وحده: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} 2 قال ابن جرير الطبري: لا تسجدوا أيها الناس للشمس ولا للقمر فإنهما وإن جرياً في الفلك بمنافعكم فإنما يجريان بها لكم بإجراء الله إياهما لكم طائعين له في جريهما ومسيرهما بأنهما يقدران بأنفسهما على سير وجري دون إجراء الله إياهما وتسييرهما أو يستطيعان لكم نفعاً أو ضراً وإنما الله مسخرهما لكم لمنافعكم ومصالحكم فله فاسجدوا وإياه فاعبدوا دونهما فإنه إن شاء طمس ضوءهما فترككم حيارى في ظلمة لا تهتدون سبيلاً ولا تبصرون شيئاً3.
وكما أن الآية بينت أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله التي يستدل بهما على عبادته وحده دون سواه كذلك دلت على بطلان عبادتهما من دون الله وقد بين الله ـ تعالى ـ بطلان عبادة جميع المخلوقات سوى الله ـ تعالى ـ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ
1- أحكام القرآن 1/43.
2- سورة فصلت آية: 37.
3- جامع البيان عن تأويل آي القرآن 24/121.