غيره، وهذا التأويل مأخوذ من قول العرب "ثل عرش بني فلان" إذا ذهب ملكهم، وقال متمم بن نويرة في هذا المعنى:
عروش تفانوا بعد عز وأمة
هَوَوْ بعد ما نالوا السلامة والبقاء
وأراد بالعروش ملوكاً انقرضوا، وقال سعيد بن زائدة الخزاعي في النعمان بن المنذر:
قد نال عرشاً لم ينله خائل
جن ولا إنس ولا ديار
وأراد بالعرش الملك والسلطان. وقال النابغة:
بعد ابن جفنة وابن هاتك عرشه
والحارثين يؤملون فلاحا
"وأراد بهاتك عرش ابن جفنة سالب ملكه فصح بهذا التأويل العرش على الملك في آية الاستواء على ما بيناه والله الموفق للصواب"1.
وهذه التأويلات الفاسدة التي انتحلها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة للعرش الذي استوى عليه الرب جل جلاله استواءً يليق بجلاله يقصدون منها التوصل إلى نفي صفة العلو والفوقية ولكنهم باءوا بالفشل في مسعاهم ذلك لأن الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة تكذبهم فيما قالوا وتثبت لله ـ تعالى ـ صفة العلو والفوقية، وأن المراد من العرش المخلوق العظيم الذي هو سقف المخلوقات وأنه ذو قوائم ويحمله ثمانية من الملائكة الكرام البررة.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: "فمن أنكر عرشه، وأنكر استواءه أو أنكر تدبيره فقد قدح في ملكه" اهـ2.
وقال شارح الطحاوية: رداً على المعطلة "وأما من حرف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك كيف يصنع بقوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 3 وقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 4 أيقول: "ويحمل ملكه يومئذ ثمانية؟ وكان ملكه على
1- أصول الدين ص 113 ـ 114.
2- مختصر الصواعق المرسلة 2/140.
3- سورة الحاقة آية: 17.
4- سورة هود آية 7:.