المخالفون أحق بهذا اللقب؛ لأنكم تستشهدون لمهبكم بما يؤيده من الأحاديث وإن كان ضعيفًا أو موضوعًا عند أهل الفن؛ ولأنكم تحشون أقوالكم ومصنفاتكم بالكلام الذي لا تعرف صحته، بل يعرف بطلانه لمخالفته لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: أما معنى التجسيم الذي نبزتم أهل السنة بالحشو لأجله؛ فإنه ليس في قول أهل السنة تجسيم؛ لأنهم إنما أثبتوا لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات، مع نفي المشابهة والمماثلة للمخلوقات، ثم إن لفظ التجسيم عندهم من الألفاظ المبتدعة فلم ينطقوا به نفيًا ولا إثباتًا.
خامسًا: إنه ينبغي أن ينظر في الموسومين بهذا الاسم وفي الواسمين لهم به أيهما أحق. وقد علم أن هذا الاسم مما اشتهر عن النفاة ممن هم مظنة الزندقة، كما ذكر العلماء -كأبي حاتم وغيره- أن علامة الزنادقة تسميتهم لأهل الحديث حشوية[1].
يكفي أن نعرف أن أول الواسمين به هو عمرو بن عبيد زعيم المعتزلة كما تقدم، وأن أول الموسومين به هو "عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما" الصحابي الجليل. ثم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة رحمه الله عليه؛ لتعلم منزلة الواسم والموسوم.
فعمرو بن عبيد رأس في البدعة والاعتزال، وعبد الله بن عمر صحابي ابن صحابي. من أكثر الصحابة رواية وحفظًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبذلك نقم عليه ابن عبيد، وعده حشويًا لكثرة روايته؛ لأن المعتزلة أعداء الحديث والأثر، والإمام أحمد هو من هو في الإمامة والتقديم في العلم والسنة.
ثم ورث كلا من الواسم والموسم اتباعه ومن هم على نهجه، فورث عمرو بن عبيد في نبز أهل السنة بهذا اللقب، أهل البدعة والخلاف، وورث [1] انظر: ابن تيمية، الفتاوى 4/ 88.