والنصارى، اندثر الحق والدين الصحيح بينهم وانقرضت الفرقة التي كانت على الحق أو انحرفت، وأصبحت فرقهم كلها على ضلال وكفر وشك وشرك؛ فهاهم اليوم بسائر فرقهم وطوائفهم قد أجمعوا على الضلالة والكفر وأعرضوا عما جاء به الإسلام من الحق؛ فليس منهم رجل رشيد.
أما هذه الأمة؛ فإنها والحمد لله لا تجتمع على ضلالة أبدًا؛ بل لا بد أن يبقى منها طائفة على الدين الصحيح ظاهرة قائمة به، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون" 1، وفي رواية أخرى: "لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة" 2.
فأمة تثبت على الخير والإيمان ولا يضمحل فيها نور النبوة والإسلام، بل يبقى مشتعلًا مضيئًا في يدها تحمله جيلًا بعد جيل إلى أن تلقى الله به آخر طائفة منها، لا شك أنها خير الأمم التي عرفتها البشرية، بما لم توغل، كما أوغل الكثير من الأمم قبلها في الكفر والضلالة، وبما بقي بها من الخير والهدى ما لم يبق في غيرها من الأمم.
1، 2 تقدم تخريجهما انظر: ص 122.
الوجه السادس: كون الكتاب الذي أنزل عليها خير الكتب السماوية
...
الوجه السادس: كون الكتاب الذي أنزل عليها خير الكتاب السماوية
وذلك من وجوه:
1- أنه الكتاب الذي وصفه الله بأنه أحسن الحديث الذي أنزله؛ فقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} 1.
1سورة الزمر آية 23.