قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: "فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؛ فيا ويل من أبغضهم أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم؛ أعني: الصديق الأكبر، والخليفة أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه"[1].
ومنها: ثناؤه عليهم ووعده لهم بالحسنى
قال عز وجل: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [2].
ففي هذه الآية الكريمة أثنى الحق تبارك وتعالى على الذين أنفقوا من قبل الفتح -أي: فتح مكة كما هو رأي الجمهور-[3] وبين أنهم أعظم درجة ممن أنفق وقاتل بعد ذلك؛ "ذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديد فلم يكن حينئذ إلا الصديقون، أما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورًا عظيمًا ودخل الناس في دين الله أفواجًا"[4].
وممن أنفق قبل الفتح وقاتل أئمة الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضوان الله عليهم ممن أسلم قبل الفتح وجاهد بنفسه في سبيل الله؛ فهم أعظم درجة وأفضل من بعدهم {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} ، وقال القرطبي: "أي: المتقدمون المتناهون السابقون، والمتأخرون اللاحقون [1] تفسير القرآن العظيم 4/ 142. [2] سورة الحديد آية 10. [3] انظر: ابن كثير. تفسير القرآن العظيم 8/ 37. [4] نفس المصدر 8/ 37.