وعدهم الله جميعًا الجنة مع تفاوت الدرجات"[1].
ومنها: ثناؤه عليهم أيضًا ووصفه لهم بالشدة على أعداء الله، والرحمة للمؤمنين وكثرة وحسن عبادتهم، وإخلاصهم فيها لله عز وجل.
كما في قوله عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [2].
وقد دلت هذه الآية على عظم قدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظم منزلتهم وفضلهم، وأن الكفار هم الذين يغيظهم ذلك، ويغصون به، ولذلك قال الإمام مالك رحمه الله: "من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية"[3]، وذكره القرطبي ثم قال عقبه: "لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله؛ فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين"[4].
وقالت عائشة رضي الله عنها في قوله عز وجل: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} "أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم"[5]. [1] الجامع لأحكام القرآن 17/ 157، "ط. الأولى عام 1408، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت". [2] سورة الفتح آية 29. [3] أبو نعيم/ الحلية 6/ 327، وذكره البغوي في معالم التنزيل 4/ 207. [4] انظر الجامع لأحكام القرآن 16/ 195. [5] الحاكم: المستدرك 2/ 462، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. رواه ابن أبي عاصم في السنة ح 1003، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين.