الثالث: أن الجماعة هي: الصحابة على الخصوص؛ فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وأرسوا أوتاده، وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلًا. يدل لهذا القول رواية: "ما أنا عليه وأصحابي"[1].
الرابعِ: أن الجماعة هي جماعة أهل الإسلام، إذا أجمعوا على أمر؛ فواجب على غيرهم من أهل الملل إتباعهم.
قال الإمام الشاطبي عقب هذا القول: "وكأن هذا القول يرجع إلى الثاني أو يرجع إلى القول الأول وهو الأظهر"[2].
الخامس: أن الجماعة جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزومه ونهى عن فراق الأمة فيما اجتمعوا عليه من تقدميه عليهم، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة. وهو اختيار الإمام الطبري.
السادس: أن المراد بالجماعة: موافقة الحقو لزومه.
كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك"[3]، وفي رواية: "إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك"[4].
قال أبو شامة: "وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك بالحق قليلًا والمخالف كثيرًا؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ولا نظر إلى [1] تقدم تخريجها، انظر: ص 48. [2] انظر الاعتصام 2/ 264. [3] أبو شامة: شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل، الباعث على إنكار البدع والحوادث، ص 20، "ط. الثانية 1401 هـ. نشر: طبعة النهضة الحديثة -مكة". [4] اللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 109، ح 160.