responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 646
الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ، وَعَلَى نَصَارَى نَجْرَانَ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ. كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ، وَوَهْبٌ، وَأُبَيُّ بْنُ يَاسَ بْنِ أَخْطَبَ، وَالسَّيِّدُ، وَالْعَاقِبُ وَأَصْحَابُهُمَا خَاصَمُوا الْمُسْلِمِينَ فِي الدِّينِ، كُلُّ فِرْقَةٍ تَزْعُمُ أَنَّهَا أَحَقُّ بِدِينِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ. وَأَوْ هُنَا لِلتَّفْصِيلِ، كَأَوْ فِي قَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [1] . وَالْمَعْنَى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ كُونُوا هُودًا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: كُونُوا نَصَارَى، فَالْمَجْمُوعُ قَالُوا لِلْمَجْمُوعِ، لَا أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ أَمَرَ بِاتِّبَاعِ أَيِّ الْمِلَّتَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُ ذَلِكَ وَإِشْبَاعُ الْكَلَامِ فِيهِ فِي قَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ. قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِنَصْبِ مِلَّةَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ. أَمَّا عَلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةً، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ:
كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى: اتَّبِعُوا الْيَهُودِيَّةَ أَوِ النَّصْرَانِيَّةَ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ، أَيْ بَلْ تَكُونُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، أَيْ أَهْلُ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، إِنِّي مِنْ دِينٍ، أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينٍ، قاله الزجاج. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الإعراء، أَيِ الْزَمُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى إِسْقَاطِ الْخَافِضِ، أَيْ نَقْتَدِي مِلَّةً، أَيْ بِمِلَّةٍ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْكُفَّارِ، فَيَكُونُ الْمُضْمَرُ اتَّبِعُوا، أَوْ كُونُوا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤْمِنِينَ، فيقدر بنتبع، أَوْ تَكُونُ، أَوْ نَقْتَدِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ، بِرَفْعِ مِلَّةٍ، وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ بَلِ الْهُدَى مِلَّةُ، أَوْ أَمْرُنَا مِلَّتُهُ، أَوْ نَحْنُ مِلَّتُهُ، أَيْ أَهْلُ مِلَّتِهِ، أَوْ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ، أَيْ بَلْ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مِلَّتُنَا.
حَنِيفاً: ذَكَرُوا أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، أَيْ فِي حَالِ حَنِيفِيَّتِهِ، قَالَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَقَوْلِكَ رَأَيْتُ وَجْهَ هِنْدٍ قَائِمَةً، وَأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، حَكَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقَالَ: لِأَنَّ الْحَالَ تَعَلَّقَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.
انْتَهَى. وَتَقْدِيرُ الْفِعْلِ نَتَّبِعُ حَنِيفًا، وَأَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ، حَكَّاهُ السَّجَاوِنْدِيُّ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ كُوفِيٌّ، لِأَنَّ النَّصْبَ عَلَى الْقَطْعِ إِنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ فِيهِ، وَاخْتِلَافُ الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ: بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِ، فَلَمَّا نَكَرَّهُ، لَمْ يُمْكِنِ اتِّبَاعُهُ إِيَّاهُ، فَنَصَبَهُ عَلَى الْقَطْعِ. أَمَّا الْحَالَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، إِذَا كَانَ الْمُضَافُ غَيْرَ عَامِلٍ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ قَبْلَ الْإِضَافَةِ، فَنَحْنُ لَا نجيزه، سَوَاءٌ كَانَ جُزْءًا مِمَّا أُضِيفَ إِلَيْهِ، أَوْ كَالْجُزْءِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَقَدْ أَمْعَنَّا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي (كِتَابِ مَنْهَجِ الْمَسَالِكِ) من تأليفنا.

[1] سورة البقرة: 2/ 111. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 646
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست