responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 101
في نطق هذا اللفظ، وهم يوجهونه للنبي- صلى الله عليه وسلم- حتى يؤدي معنى آخر مشتقاً من الرعونة. فقد كانوا يخشون أن يشتموا النبي- صلى الله عليه وسلم- مواجهة، فيحتالون على سبه- صلوات الله وسلامه عليه- عن هذا الطريق الملتوي، الذي لا يسلكه إلا صغار السفهاء! ومن ثم جاء النهي للمؤمنين عن اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته. كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه! واستخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى غيظهم وحقدهم، كما يشي بسوء الأدب، وخسة الوسيلة، وانحطاط السلوك. والنهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة، ودفاعه- سبحانه- عن أوليائه، بإزاء كل كيد وكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين.
105- ثم يكشف للمسلمين عما تكنه لهم صدور اليهود حولهم من الشر والعداء، وعما تنغل به قلوبهم من الحقد والحسد، بسبب ما اختصهم به الله من الفضل. ليحذروا أعداءهم، ويستمسكوا بما يحسدهم هؤلاء الأعداء عليه من الإيمان، ويشكروا فضل الله عليهم ويحفظوه:
«ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ. وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ. وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» ..
ويجمع القرآن بين أهل الكتاب والمشركين في الكفر.. وكلاهما كافر بالرسالة الأخيرة فهما على قدم سواء من هذه الناحية وكلاهما يضمر للمؤمنين الحقد والضغن، ولا يود لهم الخير. وأعظم ما يكرهونه للمؤمنين هو هذا الدين. هو أن يختارهم الله لهذا الخير وينزل عليهم هذا القرآن، ويحبوهم بهذه النعمة، ويعهد إليهم بأمانة العقيدة في الأرض، وهي الأمانة الكبرى في الوجود.
ولقد سبق الحديث عن حقدهم وغيظهم من أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، حتى لقد بلغ بهم الغيظ أن يعلنوا عداءهم لجبريل- عليه السلام- إذ كان ينزل بالوحي على الرسول- صلى الله عليه وسلم-:
«وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ» ..
فالله أعلم حيث يجعل رسالته فإذا اختص بها محمداً- صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين به، فقد علم- سبحانه- أنه وأنهم أه لهذا الاختصاص.
«وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» ..
وليس أعظم من نعمة النبوة والرسالة وليس أعظم من نعمة الإيمان والدعوة إليه. وفي هذا التلميح ما يستجيش في قلوب الذين آمنوا الشعور بضخامة العطاء وجزالة الفضل، وفي التقرير الذي سبقه عما يضمره الذين كفروا للذين آمنوا ما يستجيش الشعور بالحذر والحرص الشديد.. وهذا الشعور وذاك ضروريان للوقوف في وجه حملة البلبلة والتشكيك التي قادها- ويقودها- اليهود، لتوهين العقيدة في نفوس المؤمنين، وهي الخير الضخم الذي ينفسونه على المسلمين! 106- وكانت الحملة- كما أسلفنا- تتعلق بنسخ بعض الأوامر والتكاليف. وبخاصة عند تحويل القبلة إلى الكعبة.
الأمر الذي أبطل حجتهم على المسلمين:
«ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها» ..
وسواء كانت المناسبة هي مناسبة تحويل القبلة- كما يدل سياق هذه الآيات وما بعدها- أم كانت مناسبة

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست