نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 95
وهناك نوع من الألفاظ يرسم صورة الموضوع، ولكن لا بجرسه الذي يلقيه في الأذن، بل بظله الذي يلقيه في الخيال -وللألفاظ كما للعبارات ظلال خاصة يلحظها الحس البصير، حينما يوجه إليها انتباهه، وحينما يستدعي صورة مدلولها الحسية.
مثال ذلك: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} فالظل الذي تلقيه كلمة "انسلخ" يرسم صورة عنيفة للتملص من هذه الآيات؛ لأن الانسلاخ حركة حسية قوية.
ومثله: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} فلفظة "يترقب" ترسم هيئة الحذر المتلفت. "ولا تغفل هنا أنه خائف يترقب "في المدينة" موضع الأمن والاطمئنان عادة، وإن كان هذا خاصًّا بالتعبير كله. ولكن العبارة هنا تبرز قيمة اللفظ المصور للفزع في موطن الأمان! ".
ومن هذا الوادي كل النماذج التي عرضناها في فصل "التخييل الحسي والتجسيم" عن "التخييل". فالظلاف التي تلقيها التعبيرات هناك من هذا القبيل.
وقد يشترك الجرس والظل في لفظ واحد مثل {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} فلفظ الدع يصور مدلوله بجرسه وظله جميعًا.
ومما يلاحظ هنا أن "الدع" هو الدفع في الظهور بعنف، وهذا الدفع في كثير من الأحيان يجعل المدفوع يخرج صوتًا غير إرادي فيه عين ساكنة هكذا: "أع" وهو في جرسه أقرب ما يكون إلى جرس "الدع"!
ومثله: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ} فالعتل جرس في الأذن وظل في الخيال، يؤديان المدلول للحس والوجدان.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 95