نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 97
ففي وضمة عين نقلهم من القرى المهلكة الداثرة بعد الحياة والعمران، إلى الأرض الحية الممرعة بعد الموت والإجداب.
فالتقابل هنا بين حالتين وحالتين في الواقع لا بين حالة وحالة.
هذه المقابلة تكاد تضطرد في صور النعيم والعذاب في الآخرة، وهي كثيرة جدًّا في القرآن، فنكتفي هنا بأمثلة منها.
في وسط الهوى الذي ترسم صورته هذه الفقرات:
{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى، يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ، وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} .
في وسط هذا الروع الذي يبثه ذلك العرض العسكري -الذي تشترك فيه جهنم- بموسيقاه العسكرية المنتظمة الدقات، المنبعثة من البناء اللفظي الشديد الأسر، وبين العذاب الفذ والوثاق النموذجي.. يقال لمن آمن:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} .
هكذا في عطف ولطف: {يَا أَيَّتُهَا} وفي روحانية وتكريم: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ} . {الْمُطْمَئِنَّةُ} في وسط هذا الروع. {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} بما بينك وبينه من صلة وإضافة. {رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} بهذا الانسجام الذي يغمر الجو كله بالرضى والتعاطف. {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} ممتزجة بهم متوادة معهم. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} المضافة لي.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 97