نام کتاب : ذم الدنيا نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 128
281 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن، حدثني صالح بن مالك، قال: كتبت أم إبراهيم الصائغ إلى إبراهيم، وقد كان يومئذ مجاوراً بمكة، تسأله القدوم عليها، فكتب إليها بكتاب فيه:
إن مرو التي تعجبك ملاقاتي تعجبك ملاقاتي إياك فيها، ليست بدار دوام، ولكن مرو منزل أسفار، وإنما سبيل المقام فيها بين الأمهات والأولاد يسير حتى تصيروا منها إلى دارين: إحداهما فرقة لا تواصل فيها، والأخرى صلة لا فرقة فيها، فإن كنت في شك من ذلك فأين الملوك الذين نزلوها، وأين الجموع الذين كانوا فيها، وأين الأمم الذين تشاحت عليها، وأين البناءون الذين ضربوا في تحصينها، إن تدعوهم لا يسمعون، بدلوا بالحياة موتاً، كأن لم يعمروها ولم يسكنوها، فهل ينفع مع هذا الهم حبيب حبيباً وخليل خليلاً، إنه ليس أحد لأحد إلا ما كان له في الآخرة، فأما أهل الدنيا فمتحولون منها عن قريب.
والسلام.
282 - حدثنا الحسين بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن عمر المزني عن عمار بن سعيد قال: مر المسيح عليه السلام بقرية فإذا أهلها موتى في الأفنية والطرق فقال للحواريين:
يا معشر الحواريين إن هؤلاء ماتوا عن سخط، ولو ماتوا من غير ذلك لتدافنوا، قالوا: يا روح الله وددنا أنا علمنا خبرهم؟ فسأل ربه، فأوحى الله إليه: إذا كان الليل فنادهم يجيبوك، فلما كان الليل أشرف على نشر ثم نادى يا أهل القرية، فأجابه مجيب لبيك يا روح الله، فقال: ما حالكم، وما قصتكم، قالوا: بتنا في عافية، وأصبحنا في الهاوية.
قال: وكيف ذلك؟ قال: بحبنا الدنيا وطاعتنا أهل المعاصي.
قال: وكيف كان حبكم للدنيا؟ قال: حب الصبي لأمه إذا أقبلت فرحنا، وإذا أدبرت حزنا وبكينا عليها.
قال: فما بال أصحابك لم يجيبوني؟ قال: لأنهم ملجمون بلجم من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد.
قال: فكيف أجبتني أنت من بينهم؟ قال: لأني كنت فيهم، ولم أكن منهم، فلما نزل بهم العذاب أصابني معهم، فأنا معلق على شفير جهنم لا أدري أنجو منها، أم أكبكب فيها؟ ! فقال -[129]- المسيح للحواريين: لأكل خبز الشعير، بالملح الجريش، ولبس المسوح، والنوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا.
نام کتاب : ذم الدنيا نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 128