عرشه على الماء"- بحسب حال مدخولها، فالمراد بالأول: الأزلية والقدم، وبالثاني الحدوث بعد العدم" [1] .
"وقال ابن عباس: "كان ولا يزال" ولم يقيد كونه بوقت دون وقت، ويمتنع أن يحدث له غيره، صفة، بل يمتنع توقف شيء من لوازمه على غيره - سبحانه- فهو المستحق لغاية الكمال، وذاته هي المستوجبة لذلك الكمال المطلق، وهو المحمود على ذلك، أزلاً وأبداً، ولا يحصي الخلق ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه" [2] .
وقال الراغب: " كان عبارة عما مضى من الزمان، وفي كثير من وصف الله -تعالى- تنبئ عن معنى الأزلية، قال: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [3] ، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [4] ، وما استعمل منه في جنس الشيء متعلقاً بوصف له هو موجود فيه، فتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له، قليل الانفكاك منه، نحو قوله في الإنسان: {وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا} [5] ، وإذا استعمل في الزمان الماضي، فقد يجوز أن يكون المستعمل فيه على حالته، ويجوز أن يكون قد تغير، نحو: كان فلان كذا ثم صار كذا" [6] .
ومعنى قوله: "كان الله، ولم يكن شيء قبله" أنه -تعالى- هو الأول قبل كل شيء، الذي لا يتصور لأوليته مبدأ، حتى يمكن أن يتصور قبله شيء، بل هو الأول بلا بداية، كما أنه الآخر بلا نهاية، فما من غاية يقدرها العقل إلا وأزليته -تعالى- قبلها، بلا غاية محدودة، والأزل معناه عدم الأولية، فليس الأزل
(1) "الفتح" (13/410) .
(2) "مجموع الفتاوى" (18/232-233) . [3] الآية 26 من سورة الفتح، والآية 40 من سورة الأحزاب. [4] الآية 27 من سورة الأحزاب، والآية 21 من سورة الفتح. [5] الآية 67 من سورة الإسراء.
(6) "المفردات في غريب القرآن " (ص444) .