هذا فضلاً عن أنّ الحديث ليس هو الدليل الوحيد في المسألة التي معنا الآن؛ فالاستدلال به إنما هو من قبيل التأكيد والاستئناس.
* أنه على فرْض التسليم بصحّة الحديث، وإمكان الأخذ به في التحريم، فإنه غير واضح الدلالة في تحريم المصافحة؛ وذلك لأنّ كلمة "المسّ" الواردة في الحديث لا تَعنى مُجرّد لمس البشرة دون شهوة، كما هو الحال في المصافحة العادية وإنما تعني - حسب استعمالها في النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسُّنّة المطهّرة - أحَدَ أمريْن:
أحدهما: أنها كناية عن الجماع؛ وهو ما فسّر به ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [1]، فقال: "الملامسة، والمباشرة، والإفضاء، والرّفث، والجماع، نكاح؛ ولكن الله سبحانه يكني". وفي هذا المعنى قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [2]، وقوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [3]. [1] سورة النساء: الآية 43. [2] سورة آل عمران: الآية 47. [3] سورة البقرة: الآية 237.