لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} يريد الجماع، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} تتوضّؤون به من الغائط، أو تغتسلون به من الجنابة كما أمرْتكم به في أوّل الآية، {فَتَيَمَّمُوا} ؛ فأوجب في آخِر الآية التّيمّم على ما كان أوجب عليه الوضوء أو الاغتسال بالماء في أوّلها[1].
ودُفِع هذا: بأنّ المراد باللّمس في الآية: حقيقتُه. وقول ابن عباس وعليّ معارَض بقول غيرهما من الصحابة، كعمر، وابن عمر، وابن مسعود. وهذا أوْلى من قول ابن عباس وعليّ، لأنه قول يُسنَد إلى الحقيقة وهي مقدّمة على المجاز، ولأنّ الحقيقة في هذه المسألة أحْوطُ للعبادة. والأصل في العبادات الاحتياط؛ ألا ترى: أنه لما تردّدَتْ "إلى" في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} بيْن أن تكون حدّاً وبيْن أن تكون بمعنى: "مع"، حُملَتْ على أنها بمعنى: "مع" المرافق، احتياطاً[2]؟ وعلى هذا، فإنّ اللّمس –ومنه: المصافحة– يُحمل في الآية
على حقيقته. ويُؤيِّد بقاءَه على المعنى الحقيقي: قراءة: {أَوْ لامَسْتُمُ} ؛ فإنّها ظاهرة في مجرّد اللّمس دون الجماع[3]. [1] راجع: الأوسط لابن المنذر 1/128. [2] راجع: الانتصار لأبي الخطاب الكلوذاني 1/313- 315. [3] راجع: الحاوي الكبير للماردوي 1/185، والمنتقى للباجي المالكي 1/390.