ب - واستدلّ أنصار المذهب الثاني أيضاً بالسُّنّة فيما روي عن معاذ بن جبل[1] قال: "أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل لقِيَ امرأةً لا يعرفها. فليس يأتي الرّجل من امرأته شيئاً إلاّ قد أتاه منها، غير أنه لم يجامِعْها؟ قال: فأنزل الله هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [2]. قال: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "توضّأْ ثُم صَلِّ". وقال معاذ: فقلتُ: يا رسول الله، ألَهُ خاصّة، أمْ للمؤمنين عامّة؟ قال: "بلْ للمؤمنين عامّة". 3
ففي هذا الحديث، يأمر النبي صلى الله عليه وسلم السائلّ بالوضوء من غير تفصيل هل كان اللمس بشهوة أمْ لا؟ فدلّ ذلك على نقض [1] معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي: صحابي جليل، كان أعلَمَ الأمّة بالحلال والحرام. أسلم وهو فتًى، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين جعفر بن أبي طالب. شهد العقبة مع الأنصار السبعين، وشهد بدراً، وأُحُداً، والخندق، والمشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعَثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً ومرشداً لأهل اليمن. توفي عقيماً بناحية الأردن ودفن بالقصير المعيني "بالغور" عام 18هـ.
راجع: الأعلام للزركلي 7/258. [2] سورة هود: الآية 114.
3 راجع: الترمذي 5/291، والمسند 5/244.