وأما الوقف بلفظ الكناية، فهو أن يكون الوقف بلفظ يحتمل الوقف وغيره كلفظ الصدقة؛ لأنه مشترك بين الوقف والصدقة، فإذا كان الوقف لفظ الكناية، فلا يصح به إلا إذا اقترنت به نية الواقف، ويقترن مع لفظ الصدقة لفظ من الألفاظ الخمسة، وهي وقفت وحبست وأسبلت وحرمت وأبدت، فيقول: تصدقت به صدقة موقوفة أو محبوسة، أو مسبلة أو مؤبدة، أو محرمة على كذا، أو يقترن بها حكم الوقف، أن يقول: تصدقت بها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث.
وعلى ذلك فإن الوقف بلفظ الكناية يلزم لصحة الواقف به، إما نية الواقف أو لفظ من الألفاظ الخمسة المشار إليها أو حكم الوقف، واللفظ الصريح لا يحتاج إلى شيء من ذلك، ولكن هل يشترط القبول في الوقف؟ الأصح أنه يشترط قبول الموقوف عليه إن كان أهلًا للقبول بأن كان الواقف على معين واحدا أو أكثر في الأصح، فإن لم يكن أهلا لذلك بأن كان صبيا أو مجنونا، أو معتوها أو سفيها فيشترط قبول وليه، ويكون القبول على الفور عقب الإيجاب إن كان الموقوف عليه حاضرا، فإن كان غائبا فلا يلزم أن يكون عقب الإيجاب بل يصح من الغائب متى علم، ولو متراخيًا وإن طال الزمن، وإنما اشترط القبول؛ لأن دخول عين أو منفعة في ملكه قهرا عنه لا يكون إلا في الإرث، فكان الوقف أشبه بالبيع.
ومن لا ولي له خاص فوليه القاضي، فيقبل له عند بلوغ الغير أو يقيم على الصبي من يقبل له، ولو وقف على جمع، فقبل بعضهم دون البعض بطل فيما من لم يقبل عملا بتفريق الصفقة، وهذا هو المعتمد الذي صححه الإمام وأتباعه.
ومقابل الأصح: لا يشترط القبول في الوقف؛ لأنه أشبه بالقربات منه