وقال أيضا في رواية الأثرم: وقد سئل عن تارك صوم رمضان مثل تارك الصلاة؟ فقال، الصلاة آكد، إنما جاء في الصلاة، وليست كغيرها". وظاهر هذا: أنه فرق بين الصلاة وبين الصوم، بأنه لا يقتل ويترك إلى أمانته. وأما تارك الزكاة فيأخذها الإمام منه قهرا، فإن تعذر أخذها منه لِامْتِنَاعِهِ حُورِبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَفْضَى الْحَرْبُ إلَى قَتْلِهِ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ كَمَا حَارَبَ أَبُو بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، وإن قتل في حال قتله، فهل يقتل كافرا مرتدا؟ فقال في رواية الميموني: فيمن منع الزكاة: " يقاتل، قيل له: فيورث، ويصلى عليه قال: إذا منعوا الزكاة كما منعوا أبا بكر وقاتلوا عليها: لم يورث ولم يصلى عليه، وإن منع الزكاة، يعني من بخل أو تهاون، لم يقاتل ولم يحارب على المنع، بل يقاتل عليها ويورث ويصلى عليه".
فقد نص على أنه إن منعها وقاتل عليها قوتل، وإن قتل كافرا، لا يصلى عليه ولا يورث، وإن لم يقاتل عليها لكن منعها شحا وبخلا، لم يحكم بكفره. فإن تعذر أخذها منه لعدم الوصول إلى ماله، ولم يوجد منه قتال عليها استتيب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل، ولم يحكم بكفره. نص عليه في رواية أبي طالب في رجل قال: الزكاة على، ولا أزكي، " يقال له مرتين أو ثلاثا: زك، فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا ضربت عنقه". وروى أبو حفص العكبري في هذه الرواية زيادة قلت: فلان روى عنك أنك قلت في الزكاة: يضرب عنقه على المكان، ولا يستتاب، قال: لم يحفظ". وما الحج ففرض عند أحمد على الفور، فيتصور تأخيره عن وقته. وقد قال أحمد في رواية الجماعة: منهم عبد الله، وإسحاق، وإبراهيم، وأبو الحارث " ومن كان موسرا وليس به أمر يحبسه فلم يحج لا تجوز شهادته". وهذا مبالغة في الفور، لأنه قد أسقط عدالته في الموضع الذي يسوغ فيه الاجتهاد. وهل يقتل بتأخيره؟ قال أبو بكر في مسائل البغاة من كتاب الخلاف " الحج والزكاة والصيام، والصلاة سواء، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل". ويشهد لهذا ما حكيناه عن أحمد " أنه لا تقبل شهادته". وظاهر هذا أنه لا يسوغ الاجتهاد في تأخيره، ويحتمل أن لا يقتل لأنه بفعله بعد الوقت يكون أَدَاءً لَا قَضَاءً.