فَإِنَّ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ حَجَّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ من ديون، وغيرها، فتؤخذ جبرا إذا أمكنت، وَيُحْبَسُ بِهَا إذَا تَعَذَّرَتْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بها معسرا فينظر إلى ميسرته. فأما مَا وَجَبَ بِارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ فَضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: حد الزنا، وحد الخمر، وقطع السرقة، وحد المحاربين. والضرب الثاني: ما كان من حقوق الآدميين وهو شيئان: أحدهما: حد القذف بالزنا. والثاني: القود في الجنايات. أما حد الزنا فيجب بغيبوبة حشفة ذكر البالغ العاقل فِي أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ: مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، ممن لا عصمة بينهما لا شبهة.
ويستوي في حكم الزِّنَا حُكْمُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَتَانِ: بِكْرٌ، وَمُحْصَنٌ. أَمَّا الْبِكْرُ فَهُوَ الَّذِي لم يطأ زوجته بِنِكَاحٍ، فَيُحَدُّ إنْ كَانَ حُرًّا، مِائَةَ سَوْطٍ تُفَرَّقُ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ إلَّا الْوَجْهَ وَالْمَقَاتِلَ، ليأخذ كل عضو حقه، بسوط لا جديد فيقتل، ولا خلق فلا يؤلم. ويغربا عاما عن بلدهما إلى مسافة تقصر فيها الصلاة وحد المسلم والكافر سواء في الجلد، والتغريب، فأما الْعَبْدُ وَمَنْ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّقِّ مِنْ الْمُدَبَّرِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، فَحَدُّهُمْ فِي الزِّنَا خمسون جلدة على النصف من حد الحر، ولا يغرب. وأما المحصن الذي أصاب زوجته بعقد نكاح، فحده الرجم بالأحجار وما قَامَ مَقَامَهَا، حَتَّى يَمُوتَ، وَلَا يَلْزَمُ تَوَقِّي مَقَاتِلِهِ، بِخِلَافِ الْجَلْدِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّجْمِ الْقَتْلُ.