responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 300
يقول: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} فأمره بلزوم فطرته التي فطر الناس عليها فكيف لا تكون ممدوحة وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم شبهها بالبهيمة المجتمعة الخلق وشبه ما طرأ عليها من الكفر بجدع الأنف والأذن ومعلوم أن كمالهما محمود ونقصهما مذموم فكيف تكون قبل النقص لا محمودة ولا مذمومة".
فصل: وإن كان المراد بهذا القول ما قاله طائفة من العلماء أن المراد أنهم ولدوا على الفطرة السليمة التي لو تركت مع صحتها لاختارت المعرفة على الإنكار والإيمان على الكفر ولكن بما عرض لها من الفساد خرجت عن هذه الفطرة فهذا القول قد يقال لا يرد عليه ما يرد على القول الذي قبله فإن صاحبه يقول في الفطرة قوة تميل بها إلى المعرفة والإيمان كما في البدن السليم قوة يحب بها الأغذية النافعة وبهذا كانت محمودة وذم من أفسدها لكن يقال فهذه الفطرة التي فيها هذه القوة والقبول والاستعداد والصلاحية هل هي كافية في حصول المعرفة أو تقف المعرفة على أدلة من خارج فإن كانت المعرفة تقف على أدلة من خارج أمكن أن يوجد تارة ويعدم أخرى ثم ذلك السبب يمتنع أن يكون موجبا للمعرفة بنفسه بل غايته أن يكون معرفا ومذكرا فعند ذلك إن وجب حصول المعرفة كانت واجبة الحصول عند وجود ذلك الأسباب وإلا فلا وحينئذ فلا يكون فيها إلا قبول المعرفة والإيمان وحينئذ فلا فرق فيها بين الإيمان والكفر والمعرفة والإنكار إنما فيها قوة قابلة لكل منهما واستعداد له لكن يتوقف على المؤثر الفاعل من خارج وهذا هو القسم الأول الذي أبطلناه وبينا أنه ليس في ذلك مدح للفطرة وأما إن كان فيها قوة تقتضي المعرفة بنفسها وإن لم يوجد من يعلمها أدلة المعرفة فيها بدون ما يسمعه من الأدلة سواء قيل أن المعرفة ضرورية فيها أو قيل أنها تحصل بأسباب تنتظم في النفس وإن لم يسمع كلام مستدل فإن النفس قد يقوم بها من النظر والاستدلال ما يحتاج معه إلى كلام الناس فإن كان كل مولود يولد على هذه الفطرة لزم ان يكون المقتضى للمعرفة حاصلا لكل مولود وهو المطلوب والمقتضى التام مستلزم مقتضاه فتبين أن أحد الأمرين لازم إما كون الفطرة مستلزمة للمعرفة وإما استواء الأمرين بالنسبة إليها وذلك ينفي مدحها وتلخيص ذلك أن يقال المعرفة والإيمان بالنسبة إليها ممكن بلا ريب فإما أن تكون هي موجبة مستلزمة لذلك وإما أن لا تكون مستلزمة له فلا يكون واجبا لها فإن كان الثاني لم يكن فرق بين الكفر والإيمان بالنسبة إليها أو كلاهما ممكن لها فثبت أن المعرفة لازمة لها إلا أن يعارضها معارض فإن قيل ليست موجبة مستلزمة للمعرفة ولكن هيئ إليها الميل مع قبولها للنكرة قيل فحينئذ إذا لم تستلزم المعرفة وجدت تارة وعدمت تارة وهي وحدها لا يحصلها فلا تحصل إلا بشخص آخر كالأبوين فيكون الإسلام والتهويد والتنصير والتمجيس ومعلوم أن هذه أنواع بعضها أبعد عن الفطرة من بعض كالتمجس فإن لم تكن الفطرة مقتضية للإسلام صار نسبتها إلى ذلك كنسبة التهويد والتنصير إلى التمجيس فوجب أن يذكر كما ذكر ذلك ويكون هذا كمكمون الفطرة لا يقضي الرضاع إلا بسبب منفصل وليس كذلك بل الطفل يختار مص اللبن بنفسه فإذا مكن من الثدي وجدت الرضاعة لا محالة فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد معارض وهو مولود

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست