نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 329
وأعلاها، فيوصف من الإرادة بأكملها وهو الحكمة وحصول كل ما يريد بإرادته كما قال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] [البروج: 16] ، وبإرادة اليسر لا العسر كما قال: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] ، وبإرادة الإحسان وإتمام النعمة على عباده كقوله: {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتَ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} [النساء: 27] ، [فإرادة] التوبة [له] وإرادة الميل لمبتغى الشهوات.
وقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيجْعَلَ عَلَيْكُمْ مَّنْ حَرَجٍ وَلَكِنُ يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] ، وكذلك الكلام يصف نفسه منه بأعلى أنواعه كالصدق والعدل والحق، وكذلك الفعل [يصنف] نفسه منه بأكمله وهو العدل والحكمة والمصلحة والنعمة.
وهكذا المحبة وصف نفسه منها بأعلاها وأشرفها فقال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهَ} [المائدة: 54] ، {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ، {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] [آل عمران: 134] [آل عمران: 148] [المائدة: 13] [المائدة: 93] ، و {يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] .
ولم يصف نفسه بغيرها من العلاقة والميل والصبابة والعشق والغرام ونحوها، فإن مسمى المحبة أشرف وأكمل من هذه [المسميات] ، فجاء فى حقه إطلاقه دونها. وهذه [المسميات] لا تنفك عن لوازم ومعان تنزه تعالى عن الاتصاف بها، وهكذا جميع ما أطلقه على نفسه من صفاته العلى أكمل معنى ولفظاً مما لم يطلقه.
فالعليم الخبير أكمل من الفقيه والعارف، والكريم الجواد أكمل من السخى، والخالق الباريء المصور أكمل من الصانع الفاعل، ولهذا لم تجيء هذه فى أسمائه الحسنى، والرحيم والرؤوف أكمل من الشفيق [والمشفق] فعليك بمراعاة ما أطلقه سبحانه على نفسه من الأسماءِ والصفات والوقوف معها، وعدم إطلاق ما لم يطلقه على نفسه ما لم يكن مطابقاً لمعنى أسمائه وصفاته، وحينئذ فيطلق المعنى لمطابقته له دون اللفظ ولا سيما إذا كان مجملاً أو منقسماً إلى ما [يمدح] به، وغيره فإنه لا يجوز إطلاقه إلا مقيداً، وهذا كلفظ الفاعل والصانع، فإنه لا يطلق عليه فى أسمائه الحسنى إلا إطلاقاً مقيداً أطلقه على نفسه كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 16] ، {وَيَفعلُ الله مَا يَشَآءُ} [إبراهيم: 27] ، وقوله: {صُنْعَ اللهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] ، فإن اسم الفاعل والصانع
نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 329