نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 330
منقسم المعنى إلى ما يمدح عليه ويذم.
ولهذا المعنى- والله أعلم- لم يجئ فى الأسماء الحسنى المريد كما جاءَ فيها السميع البصير، ولا المتكلم ولا الآمر الناهى لانقسام مسمى هذه الأسماء بل وصف نفسه بكمالاتها وأشرف أنواعها.
ومن هنا يعلم غلط بعض المتأخرين وزلقة الفاحش فى اشتقاقه له سبحانه من كل فعل أخبر به عن نفسه اسماً مطلقاً فأدخله فى أسمائه الحسنى، فاشتق له اسم الماكر، والخادع، والفاتن، والمضل، والكاتب، ونحوها من قوله: {وَيَمْكُرُ اللهُ} [الأنفال: 30] ، ومن قوله: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] ، ومن قوله: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: 131] ، ومن قوله: {يُضِلُّ مَن يَشَاءُ} [الرعد: 27] [النحل: 93] [فاطر: 8] ، وقوله تعالى: {كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَ} [المجادلة: 21] ، وهذا خطأ من وجوه:
أحدها: أنه سبحانه لم يطلق على نفسه هذه السماء، فإطلاقها عليه لا يجوز.
الثانى: أنه سبحانه أخبر عن نفسه بأفعال مختصة مقيدة، فلا يجوز أن ينسب إليه مسمى الاسم عند الإطلاق.
الثالث: أن مسمى هذه الأسماءِ منقسم إلى ما يمدح عليه المسمى به، وإلى ما يذم، فيحسن فى موضع، ويقبح فى موضع، فيمتنع إطلاقه عليه سبحانه من غير تفصيل.
الرابع: أن هذه ليست من الأسماء الحسنى التي يسمى بها سبحانه [فلا يجوز أن يسمى بها فإن أسماء الرب تعالى كلها حسنى] ، كما قال تعالى: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180] ، وهى التي يحب سحبانه أن يثنى عليه ويحمد بها دون غيرها.
الخامس: أن هذا القائل لو سُمي بهذه الأسماء، وقيل له هذه مدحتك وثناءٌ عليك، فأنت الماكر الفاتن المخادع المضل اللاعن الفاعل الصانع ونحوها لما كان يرضى بإطلاق هذه الأسماء عليه ويعدها مدحة، ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى عما يقول الجاهلون به علواً كبيراً.
السادس: أن هذا القائل يلزمه أن يجعل من أسمائه اللاعن والجائي والآتي والذاهب والتارك والمقاتل والصادق والمنزل والنازل [والمذموم] والمدمر وأضعاف أضعاف ذلك، فيشتق له اسماً من كل فعل أخبر به عن نفسه، وإلا تناقض تناقضاً بيناً، ولا أحد من العقلاءِ طرد ذلك، فعلم بطلان قوله والحمد لله رب العالمين.
فصل
وأَما المسأَلة الثانية وهى: هل يطلق على العبد أنه يشتاق إلى الله وإلى لقائه؟ فهذا غير ممتنع، فقد روى الإمام أحمد فى مسنده والنسائى وغيرهما من حديث
نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 330