responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 196
ويحفظها فَيكون الْغذَاء دَاخِلا الى الْمعدة من طرق ومجار وخارجا مِنْهَا الى الاعضاء من طرق ومجار هَذَا وَارِد اليها وَهَذَا صادر عَنْهَا حِكْمَة بَالِغَة ونعمة سابغة وَلما كَانَ الْغذَاء إِذا اسْتَحَالَ فِي الْمعدة اسْتَحَالَ دَمًا وَمرَّة سَوْدَاء وَمرَّة صفراء وبلغما اقْتَضَت حكمته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ان جعل لكل وَاحِد من هَذِه الاخلاط مصرفا ينصب اليه ويجتمع فِيهِ وَلَا ينبعث الى الاعضاء الشَّرِيفَة الا أكمله فَوضع المرارة مصبا للمرة الصَّفْرَاء وَوضع الطحال مقرا للمرة السَّوْدَاء والكبد تمتص اشرف مَا فِي ذَلِك وَهُوَ الدَّم ثمَّ تبعثه الى جَمِيع الْبدن من عرق وَاحِد يَنْقَسِم على مجار كَثِيرَة يُوصل الى كل وَاحِد من الشُّعُور والاعصاب وَالْعِظَام وَالْعُرُوق مَا يكون بِهِ قوامه ثمَّ إِذا نظرت الى مَا فِيهِ من القوى الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة الْمُخْتَلفَة فِي انفسها ومنافعها رايت الْعجب العجاب كقوة سَمعه وبصره وَشمه وزوقه ولمسه وحبه وبغضه وَرضَاهُ وغضبه وَغير ذَلِك من القوى الْمُتَعَلّقَة بالادراك والارادة وَكَذَلِكَ القوى المتصرفة فِي غذائه كالقوة المنضجة لَهُ وكالقوة الماسكة لَهُ والدافعة لَهُ الى الاعضاء وَالْقُوَّة الهاضمة لَهُ بعد اخذ الاعضاء حَاجَتهَا مِنْهُ الى غير ذَلِك من عجائب خلقته الظَّاهِرَة والباطنة
فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا
وَأَنه لَو اجْتمع الانس وَالْجِنّ على ان يخلقوا لَهَا سمعا اَوْ بصرا اَوْ عقلا اَوْ قدرَة اَوْ علما اَوْ روحا بل عظما وَاحِدًا من اصغر عظامها بل عرقا من ادق عروقها بل شَعْرَة وَاحِدَة لعجزوا عَن ذَلِك بل ذَلِك كُله آثَار صنع الله الَّذِي اتقن كل شَيْء فِي قَطْرَة من مَاء مهين فَمن هَذَا صنعه فِي قَطْرَة مَاء فَكيف صنعه فِي ملكوت السَّمَوَات وعلوها وسعتها واستدارتها وَعظم خلقهَا وَحسن بنائها وعجائب شمسها وقمرها وكواكبها ومقاديرها واشكالها وتفاوت مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلَا ذرة فِيهَا تنفك عَن حِكْمَة بل هِيَ احكم خلقا واتقن صنعا واجمع الْعَجَائِب من بدن الانسان بل لَا نِسْبَة لجَمِيع مَا فِي الارض الى عجائب السَّمَوَات قَالَ الله تَعَالَى {أأنتم أَشد خلقا أم السَّمَاء بناها رفع سمكها فسواها} وَقَالَ تَعَالَى ان فِي خلق السَّمَوَات والارض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر بِمَا ينفع النَّاس الى قَوْله {لآيَات لقوم يعْقلُونَ} فَبَدَأَ بِذكر خلق السَّمَوَات وَقَالَ تَعَالَى ان فِي خلق السَّمَوَات والارض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لايات لاولي الالباب وَهَذَا كثير فِي الْقُرْآن فالارض والبحار والهواء وكل مَا تَحت السَّمَوَات بالاضافة الى السَّمَوَات كقطرة فِي بَحر وَلِهَذَا قل ان تَجِيء سُورَة فِي الْقُرْآن الا وفيهَا ذكرهَا إِمَّا إِخْبَارًا عَن عظمها وسعتها وَإِمَّا اقساما بهَا وَإِمَّا دُعَاء الى النّظر فِيهَا وَإِمَّا ارشادا للعباد ان يستدلوا بهَا على عظ

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست