responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 273
والعلوم من الْبناء والهندسة والطب بل ولاحياكة والخياطة والنجارة إِذا رام الِاعْتِرَاض بعقله الْفَاسِد على اربابها فِي شَيْء من الاتهم وصنائعهم وترتيب صناعتهم فخفيت عَلَيْهِ فَجعل كل مَا خَفِي عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء قَالَ هَذَا لَا فَائِدَة فِيهِ وَأي حِكْمَة تَقْتَضِيه هَذَا مَعَ ان ارباب الصَّنَائِع بشر مثله يُمكنهُ ان يشاركهم فِي صنائعهم ويفوقهم فِيهَا فَمَا الظَّن بِمن بهرت حكمته الْعُقُول الَّذِي لَا يُشَارِكهُ مشارك فِي حكمته كَمَا لايشاركه فِي خلقه فَلَا شريك لَهُ بِوَجْه فَمن ظن ان يكتال حكمته بِمِكْيَال عقله اَوْ يَجْعَل عقله عيارا عَلَيْهَا فَمَا ادركه اقربه وَمَا لم يُدْرِكهُ نَفَاهُ فَهُوَ من اجهل الْجَاهِلين وَللَّه فِي كل مَا خَفِي على النَّاس وَجه الْحِكْمَة فِيهِ حكم عديدة لاتدفع وَلَا تنكر فَاعْلَم الان ان تَحت منابت هَذِه الشُّعُور من الْحَرَارَة والرطوبة مَا اقْتَضَت الطبيعة إِخْرَاج هَذِه الشُّعُور عَلَيْهَا الا ترى ان العشب ينبتفي مستنقع الْمِيَاه بعد نضوب المَاء عَنْهَا لما خصت بِهِ من الرُّطُوبَة وَلِهَذَا كَانَت هَذِه الْمَوَاضِع من ارطب مَوَاضِع الْبدن وَهِي اقبل لنبات الشّعْر وأهيأ فَدفعت الطبيعة تِلْكَ الفضلات والرطوبات الى خَارج فَصَارَت شعرًا وَلَو حبست فِي دَاخل الْبدن لاضرته وآذت بَاطِنه فخروجها عين مصلحَة الْحَيَوَان واحتباسها إِنَّمَا يكون لنَقص وَآفَة فِيهِ وَهَذَا كخروج دم الْحيض من الْمَرْأَة فَإِنَّهُ عين مصلحتها وكمالها وَلِهَذَا يكون احتباسه لفساد فِي الطبيعة وَنقص فِيهَا الا ترى ان من احْتبسَ عَنهُ شعر الرَّأْس واللحية بعد إبانه كَيفَ ترَاهُ نَاقص الطبيعة نَاقص الْخلقَة ضَعِيف التَّرْكِيب فَإِذا شاهدت ذَلِك فِي الشّعْر الَّذِي عرفت بعض حكمته فمالك لاتعتبره فِي الشّعْر الَّذِي خفيت عَلَيْك حكمته وَمن جعل الرِّيق يجْرِي دَائِما الى الْفَم لَا يَنْقَطِع عَنهُ ليبل الْحلق واللهوات ويسهل الْكَلَام ويسيغ الطَّعَام قَالَ بقراط الرُّطُوبَة فِي الْفَم مَطِيَّة الْغذَاء فَتَأمل حالك عِنْد مَا يجِف ريقك بعض الْجَفَاف ويقل ينبوع هَذِه الْعين الَّتِي لَا يسْتَغْنى عَنهُ
فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ
من الْمَنْفَعَة فَإِن الاطباء والطبائعيين شهدُوا مَنْفَعَة ذَلِك وحكمته وَقَالُوا فِي أدمغة الاطفال رُطُوبَة لَو بقيت فِي أدمغتهم لاحدثت احداثا عَظِيمَة فالبكاء يسيل ذَلِك ويحدره من ادمغتهم فتقوى ادمغتهم وَتَصِح وايضا فَإِن الْبكاء والعياط يُوسع عَلَيْهِ مجاري النَّفس وَيفتح الْعُرُوق ويصابها ويقوى الاعصاب وَكم للطفل من مَنْفَعَة ومصلحة فِيمَا تسمعه من بكائه وصراخه فَإِذا كَانَت هَذِه الْحِكْمَة فِي الْبكاء الَّذِي سَببه وُرُود الالم المؤذي وَأَنت لَا تعرفها وَلَا تكَاد تخطر ببالك فَهَكَذَا ايلام الاطفال فِيهِ وَفِي اسبابه وعواقبه الحميدة من الحكم مَا قد خَفِي على اكثر النَّاس واضطرب عَلَيْهِم الْكَلَام فِي حكمه اضْطِرَاب الارشية وسلكوا فِي هَذَا الْبَاب مسالك فَقَالَت

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست