قال أبو حازم سلمة بن دينار رحمه الله: "أفضل خصلة ترجى للمؤمن أن يكون أشد الناس خوفا على نفسه، وأرجاه لكل مسلم"[1].
ويقول مخاطبا نفسه مرزيا عليها: "يا أعرج! ينادى يوم القيامة: يا أهل خطيئة كذا وكذا فتقوم معهم، ثم ينادي: يا أهل خطيئة كذا وكذا فتقوم معهم؛ فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة"[2].
وقد رئي أبو الحسين الرازي ت 304 رحمه الله في المنام بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: "غفر لي بقولي عند الموت: اللهم إني نصحت الناس قولا، وخنت نفسي فعلا؛ فهب خيانة فعلي لنصح قولي"[3].
وها هو ابن الجوزي وهو من أكبر أئمة الوعظ يكثر البكاء على نفسه، واستشعار تقصيره في جنب الله عز وجل.
يقول رحمه الله: "إلهي! لا تعذب لسانا يخبر عنك، ولا عينا تنظر إلى علوم تدل عليك، ولا يدا تكتب حديث رسولك؛ فبعزتك لا تدخلني النار"[4].
ويقول مبتهلا إلى الله ـ عز وجل ـ "ارحم عبرة تترقرق على ما فاتها منك، وكبدا تحترق على بعدها عنك"[5].
وفي كتابه صيد الخاطر نماذج كثيرة من هذا القبيل، وإليك حرفا منها، يقول رحمه الله: "إخواني! لنفسي أقول؛ فمن له شرب معي فليرد: أيتها النفس! لقد أعطاك الله ما لم تؤملي، وبلغك ما لم تطلبي، وستر عليك من قبيحك ما لو [1] مواعظ الإمام سلمة بن دينار للشيخ صالح الشامي، ص17. [2] مواعظ الإمام سلمة بن دينار للشيخ صالح الشامي، ص17. [3] البداية والنهاية لابن كثير 11/127. [4] ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب1/422. [5] المرجع السابق.