قال أبو حازم رحمه الله: "لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله ـ تعالى ـ إلا أحسن الله فيما بينه وبين العباد، ولا يعور[1] فيما بينه وبين الله ـ تعالى ـ إلا عور الله فيما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها؛ إنك إذا صانعت الله مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنأتك الوجوه كلها"[2].
وقال ابن الجوزي رحمه الله: "وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص، وتحبه أو تأباه، وتذمه، أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله ـ تعالى ـ فإنه يكفيه كل هم، ويدفع عنه كل شر.
وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر إلى الحق إلا انعكس مقصوده، وعاد حامده ذاما"[3].
وقال رحمه الله: "فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه، فالله الله في السرائر؛ فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر"[4].
51ـ احتساب الأجر: فالواعظ الناصح المخلص يلقي الموعظة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، وربما كانت سببا لهداية ضال، أو ردع متماد، أو إنهاض متكاسل، أو فتح باب من أبواب الخير، أو إغلاق لباب من أبواب الشر؛ فإذا ألقى الناس السمع للواعظ أفادوا منه كل بحسبه.
ولا ريب أن الدال على الخير كفاعله، فكم من الأجور العظيمة المتنوعة التي ينالها الواعظ من جراء وعظه وتذكيره، وهذا مما يبعثه إلى مزيد من [1] يعور: يهدم ويفسد. [2] سير أعلام النبلاء للذهبي6/100. [3] صيد الخاطر108ـ109. [4] صيد الخاطر، ص355.