البذل، ومضاعفة الجهد.
52ـ ألا ينتظر الوعظ الشكر إلا من خالقه: لا ريب أن شكر الناس من شكر الله، وأنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وريب أن شكر المحسن على إحسانه مطلوب، وأنه مما تنشرح له الصدور، وتزداد إقبالا على إقبال.
ولا أحد أحسن قولا، ولا أولى بأن يشكره غيره من الداعي إلى الله؛ إذ هو الذي يقدم للناس حياتهم الحقة.
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] .
ولكن قد يحصل في بعض الأحيان أن يقابل الواعظ بشيء من الجحود، والكنود، والجفاء.
فإذا مرت بك هذه الحال ـ أيها الواعظ ت فلم تنصف، ولم تعط قدرك، ورد عليك فضلك باليمين والشمال ـ فلا يكبر ذلك في صدرك ويحملك على ترك الوعظ، والنصح، بل قابل ذلك بصدر رحب، ونفس راضية، وانتظر الشكر من خالقك؛ فعملك ـ هذا ـ {عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} [طه:52] .
قال ابن حزم رحمه الله بعد أن تحدث عن مذاهب الناس في طرد الهم:
"وجدت العامل للآخرة إن امتحن بمكروه في تلك السبيل لم يهتم بل يسر؛ إذ رجاءه في عاقبة ما ينال عون له على ما يطلب، وزايد في الغرض الذي إياه يقصد.