responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 219
يريهم الأمور على ما هي عليه، وحين يحبب إلى قلوبهم الحقيقة، والفضيلة، ولكنه لا يؤدي المهمة بالنيابة عنهم؛ لأن الكلمة الأخيرة المنوطة بإرادتهم لم تصدر بعد.
وكذلك الحال حين يذر الله الظالمين يتخبطون في الظلماء، وهم في قبضة بعض الصعوبات، وذلك ليبحثوا عن المخرج منها بمجهوداتهم الخاصة، ولم يقل أحد: إن الله يقهر إرادتهم بالضرورة على أن تختار الجانب الأسهل.
والمسألة التي يبقى علينا أن نعرفها، والتي تفرقت المدارس الإسلامية بصددها بطريقة واضحة هي: عندما يطلب الله منا أن نستخدم قدرتنا على الاختيار، بعد أن يكون قد وضع رهن تصرفنا هذه الموارد العامة والخاصة -هل يتخلى الله عنا تمامًا؟ ألا يتدخل لمصلحة أي جانب؟ أم أنه يدخل هنا -دون علم منا- دافعًا معينًا علويًّا، ومباشرًا، وفوريًّا، في صورة مساعدة، أو ترك، أو دعم، أو قدر ضئيل من الطاقة، أو فعل لا يقاوم من باب الفضل أو الابتلاء، يوجه -على تنوع- مؤشر نشاطنا، ويحدد حركته في اتجاه أو آخر، دون أن نحدس به مطلقًا؟
تلكم هي المسألة التي لم يفصح فيها القرآن عن نفسه بطريقة واضحة، وكافية، بل يبدو أنه قد التزم من هذا الجانب نوعًا من الحذر المقصود، ذكر له الإجابة فيما بعد: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِين} .
ولهذا لم يقف المسلمون الأولون من السلف، والمعتدلون من الخلف، عند بحث كهذا، إذا يعدونه غير رشيد ولا مفيد، ويبدو لنا في الواقع أن المشكلة بهذه الصورة لا يمكن أن تحل حلًّا واضحًا بأية وسيلة من وسائلنا العادية، وبأنوار العقل وحدها، إذ كان من الواجب دائمًا أن نتذكر التناقض المذكور آنفًا، بين العدالة والقدرة الإلهية المطلقة. ولن تحلها كذلك التعاليم

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست