الموحاة، بقدر ما تكون صامتة، أو محتملة لتفسيرين؛ ولن تحلها التجربة، إذ كان أحد طرفي العلاقة لا سلطان لنا عليه.
كيف نسوغ مسئوليتنا على فرض غير مستبعد نهائيًّا، وهو الفرض القائل بوجود نوع من التحديد، يتجاوز إرادتنا، مهما كانت درجة فاعليتها؟ إن كل ما يمكن قوله هو: أن الالتجاء إلى هذا التحديد واتخاذ وسيلة للتخلص من المسئولية لا يفيد في شيء، إذ إننا لا نعلم وجوده، ولا في أي جانب يتحقق إن وجد.
والحق أن مسألة الحتمية العلوية لا تطرح إلا لأجل نوع من الفضول العقلي، وبوساطته، وما ينشأ عنه لا يهم الجانب الأخلاقي، ولا الإيمان ولا التقوى.
فإما فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي بخاصة -وهو موضوع دارستنا- فإن ما تهم معرفته ليس هو ما يقع في الحقيقة، من مؤثرات تؤدي إلى حدوث الفعل، بل هو الطريقة التي يتصور بها الإنسان عمله، والعنوان الذي يعمل تحته، وفي كلمة واحدة: نيته وقصده. فلنفحص إذن ضميرنا في لحظة اتخاذ القرار. ألدينا في هذه اللحظة بعض هم بمعرفة ما إذا كان شعورنا الذي لا يتزعزع بحريتنا العملية يطابق واقعًا مطلقًا أو لا يطابقه؟ إن الاهتمام الذي نوجهه إلى موضوع عملنا لا يمتصنا امتصاصًا كاملًا فحسب، بحيث لا يدع مجالًا لأي هم من هذا القبيل، وكذلك المسألة المطروحة، قد لا يقتصر أثرها فقط على أن تجعلنا غير مبالين، وقد لا تغير شيئًا من موقفنا -ليس هذا فحسب، ولكن حتى لو ثبت الطابع الوهمي لإحساسنا، فلا بد أن يكون لنا شأن في القضية المقررة، فهل يكون القرار الذي اتخذناه غريبًا عنا في الواقع؟ وهل يكون هذا القرار موحى به أم مملى علينا، أو