كل عمل، أو فكرة، أو قرار، أو شعور فاضل، فكل تضحية تستتبع مكافأتها"[1]، كما أننا لا نريد أن نذهب مع تيودور جوفروي TH. JOUFFROY في قوله: "عندما نبتعد -متذرعين بحريتنا- عن السعي إلى غايتنا الحقة فإننا لا نفتأ نرد إليها بفضل العقوبات التي يفرضها النظام الطبيعي للأشياء، وهو النظام الذي دعينا إلى أن نعيش في كنفه، فهو يفرض عقوباته على من يترك طريقه، ليسلك طريقًا ليست له"[2].
كلا ... لسنا ملزمين بالمضي مع هذين الرأيين، فإذا كان قانون الطبيعة المادية، أو الاجتماعية، قد استطاع أن يضع جزاء لبعض الواجبات في صورة سعادة ملائمة، وأن يجازي الوحدة بالقوة، والإخلاص بالتقدير، كما يجازي بعض الانحرافات، كالسكر، والفسق، بما هي قمينة به من بؤس، فليست كل الفضائل، والرذائل بواجدة حسابها مسوى في النظام الطبيعي للأشياء ... وهيهات.
ولقد كان "كانت" على حق حين أعلن أنه ليس بين الفضيلة والسعادة ارتباط تحليلي، شريطة ألا يقصد بالسعادة تلك المسرة الخاصة المتصلة بالممارسة الأخلاقية، والتي قال عنها أرسطو: "إنها تنضاف إلى الفعل كما تنضاف إلى الشباب نضرته" وإنما يقصد بها المتع اللاحقة، المنفصلة عن الفعل، والمختلفة عنه من حيث طبيعتها.
وإنا لنمضي إلى ما هو أبعد من "كانت" فإن هذا الفيلسوف العظيم، حين لم ير أن هذا الارتباط يوجد لاحقًا في التجربة الراهنة، جعل منه مبدأ مسلمًا للقانون الأخلاقي، واجب الوجود في عالم مقبل، تتوافق فيه [1] انظر: V. cousin, Introd. A l'hist. de la philo. 9e lecon. [2] انظر: Uffroy, cours de Droit Natural. Lecon.