يتعاطونه لمجرد السرور والابتهاج، وليس حاجة إلى حفظ حياتهم أو صحتهم، ذلك أنهم لما كانوا قد منّ الله عليهم بأبدان لا تقبل الفساد -لم تعد بهم حاجة إلى أي وقاية[1].
خامسًا: وأكثر ما تنبغي ملاحظته تلك العناية التي يبديها القرآن، عندما يتحدث عن شراب السماء, فهو ينفي عنه صفة الاغتيال التي تتصف بها عادة المشروبات المعروفة في الحياة الدنيا، ويقول القرآن في ذلك: إن الصالحين سوف يسقون: {شَرَابًا طَهُورًا} [2].
ولن تغشي لذة الكأس على العقل؛ لأنها: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [3]، ولن يصيبهم منها صداع ولا وصب: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} [4]، ولن يصحبها كذب ولا ثرثرة: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا} [5]، ولن تؤدي بهم إلى إثم؛ لأنها: {لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [6].
سادسًا: نلاحظ نفس الاهتمام بموضوع الأزواج، الذي تعد مرات ذكره -مع ذلك- قليلة نسبيًّا. فالقرآن لم ترد فيه أية إشارة إلى معاشرة الرجال للنساء "في الجنة"، ليس ذلك فحسب، بل إنه -بعد أن حدد أن النساء سوف يكن أبكارًا {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} [7]، وسوف يظللن كذلك أبدًا- قال: إن الحياة معهن ستكون حياة حب متبادل؛ لأنهن سيكن [1] انظر: جلال الدين، تفسير الآية المذكورة, الصافات: 42. [2] الإنسان: 21. [3] الصافات: 47. [4] الواقعة: 19. [5] النبأ: 35. [6] الطور: 33. [7] الواقعة: 36.