responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 406
الفطرة"[1]، وانطلاقًا من هذه الفكرة يمكن القول بأن الأطر التي سوف تثبتها هذه الشريعة الإيجابية حتى تتيح للضمير الفردي أن يمارس حقه بطريقة حرة ومشروعة -هذه الأطر سوف تكون منطلقًا، لا لما هو من باب الحلال والحرام فحسب، بل وفي الوقت نفسه لما هو معقول حقًّا وما ليس كذلك. فما يضاد النقل سيكون كذلك مضادًّا للعقل، وكما قال ابن تيمية: "وكل ضلالة فهي مخالفة للعقل، كما هي مخالفة للشرع"[2].
وعلى هذا النحو، فإن هذه الشرعية الدينية لم تأتِ لتحل محل الأخلاقية ولا لتضادها، بل هي تفترضها، وترجع إليها دائمًا. ولقد رأينا في الواقع مدى العناية التي يلتزم بها القرآن، وهو يصوغ أوامره، فهو يحرص على مطابقتها للعقل، وللحكمة، وللحقيقة، وللعدالة، وللاستقامة، إلى جانب قيم أخرى، يتكون منها بناء الضمير الأخلاقي ذاته.
ورأينا كيف يقدم القرآن النتائج التي تحدث في النفس من اتصالها بالفضيلة، والتأثر الذي يمارسه الفعل على القلب والروح، وأهمية الندم والتوبة. وهذا كله يتصل بالضمير الفردي.
بيد أن الإنسان، وهو كائن عاقل، هو في نفس الوقت كائن اجتماعي؛ إنه في ملتقى قوتين؛ باطنة وظاهرة، يتلقى منهما معًا أو على التوالي، أوامره. وقد يجوز لنا أن نقول: إن الجانب الأكبر من الغذاء الروحي، وأغلب المثل العليا، بالنسبة إلى كل إنسان يعيش في المجتمع -إنما تأتيه أولًا

[1] انظر منهاج السنة، لابن تيمية 1/ 82، هكذا وردت فيه، وذكر المؤلف أن النص: "لتكميل الفطرة لا لتغيير الفطرة" باللام بدل الباء, وهو خطأ. "المعرب".
[2] المرجع السابق: 1/ 81، وبدء العبارة "وفرعوا في صفات الله وأفعاله ما هو بدعة مخالفة للشرع، وكل بدعة ضلالة ... ". "المعرب".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست