من خارج، وهو مختار، بعد أن يعيد التفكر فيها ويجترها، أن يتمثلها كاملة أو يرفضها، ويستبدل بها خيرًا منها.
فما الجانب الذي يعود إلى الأمة الإسلامية في السلطة الأخلاقية؟
هذا الجانب على الرغم من كونه محدودًا، إلا أنه من أهم الجوانب؛ لأن حدوده ليست سوى الحدود التي تفرضها العدالة الفطرية، والقواعد العامة للعدالة المنزلة. إننا لا ندين بالاحترام والطاعة ولاء للإجماع فحسب، وهو القرار الإجماعي للهيئة التشريعية المختصة، ولا لكل صيغة صادرة عن السلطة التنفيذية، من أجل إقرار النظام، وتوفير الخير العام فحسب، بل إن كل تفصيل إرادي تافه في ذاته، ولكنه يعتبر موضوعًا لأمر شرعي -ينال بهذه الصفة قوة القانون الأخلاقي.
ولكي نبرهن على أن الضمير العام ليس في الإسلام وهمًا، بل ولا نسخة من الضمير الفردي -لا نجد خيرًا مما سبق أن ذكرناه، أعني: تكليف الأمراء أن يطبقوا الجزاءات الشرعية على من يستحقونها، حتى بعد توبتهم، وهدايتهم التامة.
قد يخطر لنا أن نتساءل: أليس في تغيير المذنب لموقفه، والتزامه طريقًا من السلوك المرضي، ما قد يرضي الأخلاقية إرضاء كاملًا؟ ومن وجهة نظر الإيمان، أليس مكفولًا العفو عن ذنوب الذين يعودون إلى الإيمان في طهارة وعزم؟
ومع ذلك، يبقى علينا أن نطهر جوًّا دنسته الجريمة، وأن نأسو جراح الضمير العام الذي صدم بها، وأن نتدارك تقليد المثل السيئ، الذي قدمته.
وتلكم هي الاعتبارات، ذات الطابع الاجتماعي المحض، التي حتمت هذا الإجراء البالغ القسوة، الذي يعاقب إنسانًا صلح حاله، وصفت سريرته.