responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 409
وهنا تتوقف الأخلاق العلمانية، ولكن الأخلاق القرآنية لا تقتصر على هذه الاعتبارات، بل هي تشملها، وتتجاوزها، وتكملها لحسن الحظ بمبدأ سام من جانب آخر، هو الإيمان بوجود سيد مشرع، له سلطته العلوية الضرورية للتصديق على كل قرار يتخذ من جهة أخرى، واعتماده.
ولقد رأينا على هذه الأرض الجديدة أن أمر القرآن تقوم دعائمه على ثلاثة أسباب مختلفة:
أولًا: على أن السلطة التشريعية وحدها، لمن قرر الأمر؛ والله سبحانه جدير أن تكون كلمة أمره مطاعة دون شرط، ودون ما حاجة إلى أي سر آخر: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى} [1]، كما أنه صوت الحقيقة والعدل ذاته: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [2].
ثانيًا: على الشعور بمعيته الحبيبة المهيبة، وهذا الشعور من شأنه أن يحرك شجاعتنا إلى فعل الخير، وإلى أن نفعله على خير وجه، كما أنه قادر على أن يدفع دفعًا رقيقًا كل ميولنا السيئة.
ثالثًا: على توقع إجراءات الجزاء التي قررها الله سبحانه.
وإذا وصلنا إلى هذه النقطة، فقد بدا لنا منهج التعليم القرآني مرة أخرى في صورة مركبة، مزدوجة في تركيبها؛ إذ تستهدف الحياة الدنيا والحياة الأخرى معًا، وتعلن للإنسان بأن عليه أن يتقبل في كلتا الحياتين الثمن الأخلاقي، والبدني، والروحي لأفعاله.
لقد أثرنا من قبل مسألة معرفة ما إذا كان تغير الوسط الجغرافي، والظروف الاجتماعية -قد استطاع أن يفرض بعض التعديلات في المفهوم القرآني عن الحياة الآخرة.

[1] المدثر: 56.
[2] الأنعام: 115.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست