responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 454
ويقول الإمام الغزالي: "التقوى صفة قلب مال عن حب الدنيا، وبذلها إيثارًا لوجه الله تعالى"[1].
ولقد يبدو غريبًا أن نخص بالصدارة جانبًا ذاتيًّا من الواجب، وهو جانب لا يعتبر سوى مرحلة بعيدة من مراحل الخير الفعلي. والواقع أنني لا أستطيع أن أنقذ حياة جاري، أو أوفر له حقه في العيش الرغيد لمجرد حبي الباطني له. هذا صحيح, ولكن، يجب -أولًا- ألا نبالغ إلى غيرما حد, في دور النتيجة النهائية في أداء الواجب. فمن المعلوم أن هذه النتيجة النهائية لا تصدر فقط عن جهدنا الأخلاقي، ولا عن نشاطنا البدني، ولكنها تتطلب تعاون مجموعة كبيرة من الظروف الطبيعية، وحتى ما فوق الطبيعية. وحينئذ يصبح واجبنا محصورًا في أضيق الحدود، فهو يقتصر على استعمال الوسائل التي في حوزتنا، وليس عليه أن يوصلها إلى غايتها. ومن ثم فإن العقل، والقلب، والبدن، تبدو لنا كلها أسبابًا، يتفاوت بعدها أو قربها بالنسبة إلى المرحلة النهائية، التي يتمثل فيها الخير الموضوعي.
والحق أن النشاط المادي يمكن أن يعتبر أقرب مراحل هذه الفترة في النظام الزمني. بيد أن هذا القرب الزمني على وجه التحديد لا يؤدي أي دور في تقديرنا الأخلاقي، اللهم إلا البرهنة على أنه يتمتع بسببية مستقلة، بالنسبة إلى فترة سابقة.
أما في حالة العكس، فيجب أن يختلف تقديرنا، حتى يكون مرتبطًا بهذه السابقة التي أشهرت وجود هذه المجموعة كلها من السببية.
وبعبارة أخرى: إذا كان العنصر الأخلاقي يؤثر تأثيرًا فعالًا بالخير وبالشر، على العنصر المادي، فإن تأثيره يجب أن يقدمه على هذا الأخير، وإن كان

[1] الإحياء, الغزالي 4/ 357.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست