أكثر منه اتصالًا مباشرًا فيما يتعلق بالنتيجة، وهذه فعلًا هي الطريقة التي ينظر بها إلى الأشياء في الأخلاق الإسلامية.
والواقع أن لحظتي نشاطنا لا تمثلان داخل هذا النشاط مجرد علاقة تتابع في الزمن، بل ينظر إليها على أنهما مرتبطتان ارتباط السبب بالنتيجة، وقصار النظر وحدهم -أي: أولئك الذين لا يمتد نظرهم إلى أبعد من السبب المباشر- هم الذين يعزون إلى أقرب الأسباب كل الفضل في إحداث النتيجة, ولكن أيكون المرء مصيبًا إذا هو غلا في تقدير دور الآلة في الحضارة الحديثة، حتى ليقدمها على العقل الذي أبدعها، والذراع التي تديرها, والإرادة التي تنظمها، وتكيفها تبعًا للحالات؟
على هذا القياس فاحكم على دور الآلة البشرية التي تتكون من اللحم والعظم، فإن صحة القلب تؤمِّن صحة البدن، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سواء في جانبه المادي، أو في جانبه الأخلاقي، قال فيما رواه النعمان بن بشير: "ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد، ألا وهي القلب" [1].
وقال أيضًا: "القلب مَلِك، وله جنود، "أو الجوارح جنوده"، فإذا صلح الملك صلحت جنوده، وإذا فسد الملك فسدت جنوده"[2].
وقد علق حكيم ترمذ على هذا فكتب يقول: "فكذلك القلب إذا فسد، لا يغرنك صلاته وصومه، وعمل جوارحه، فلو أن جميع [1] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب 39. [2] البيهقي, ذكره السيوطي في الجامع 2/ 89, والرواية المذكورة هي رواية السيوطي. "المعرب".