يمكن أن يتولاه تنظيم الهيئة المقترعة. وكون الأعضاء معينين أو غير معينين بوساطة الدولة، منتخبين أو غير منتخبين بوساطة الشعب، واجتماعهم في جلسة عامة، أو تفرقهم في أنحاء الأرض -كل ذلك لا يؤثر في شيء على قيمة النتيجة، بشرط أن تكون صادرة في دقة وإحكام.
فجوهر القضية أن يكون كل عضو مدركًا لاستقلاله الأدبي، ولمسئوليته الأخلاقية، وأن يعبر عن رأيه في حرية، بعد تأمل ناضج في المشكلة المعروضة.
بيد أن الأمر الجدير حقًّا بأن يشد اهتمامنا هو: أن أحدًا لا يمكن أن يعتبر عضوًا في هذه الجماعة إلا إذا حاز من قبل صفة العالم المتخصص في المادة، أعني: أن يحقق الشروط المطلوبة فيمن يكون له حق الرجوع مباشرة إلى المصادر؛ ليستقي منها الأحكام على منهج العلماء. وبعبارة أخرى: يجب ألا يقتصر جهد جميع الأعضاء على أن يضعوا تحت أيديهم الوثائق اللازمة لحل هذه المشكلة أو تلك، بل يلزمهم أيضًا أن يكونوا متمرسين بنقد النصوص التي تحتاج إلى إثبات، عندما لا يكون لديهم نقد موثق. ويلزمهم بعد ذلك أن يعرفوا اللغة معرفة عميقة، في أسلوبها الحقيقي، وفي أسلوبها المجازي، وأن يحسنوا إدراك الأفكار الأساسية، والأفكار الثانوية، سواء أكانت هذه الأفكار ملفوظة أم ملحوظة، ويلزمهم فضلًا عن ذلك أن يكونوا على قدم راسخة في تاريخ التشريع الإسلامي للمسألة، وأن يحيطوا بأسباب النزول، وبالناسخ والمنسوخ إن وجد. وأخيرًا: يجب أن يتعمقوا روح الشرع، وغاياته التي يهدف إليها، من خلال تطبيقاته على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته.
فالإجماع على هذا أبعد شيء عن أن يكون تلفيقًا لآراء متعسفة، ذاتية، طائشة، ناتجة آليًّا عن التقليد، أو مدفوعة بروح المحاباة المغرضة. إنه