خصائص التكليف الأخلاقي
مدخل
...
2- خصائص التكليف الأخلاقي:
كل قانون "مادي، أو اجتماعي، أو منطقي، أو غير ذلك"، يحكم بالضرورة جميع الأفراد الخاضعين له، على نسق واحد، كما يحكم الفرد الواحد في مختلف ظروفه. وإلا فلن يكون القانون قانونًا, أعني: قاعدة عامة وثابتة.
وقانون الواجب، وإن كان ذا طابع جد فردي فإنه لا يتخلى عن هذا الطابع المشترك: إنه شامل، وضروري، ويتجلى طابع الشمول في القانون الأخلاقي، في القرآن، بوضوح لا ريبة معه، لا لأن مجموع أوامره يتوجه في جملته إلى الإنسانية جمعاء فحسب، وهو ما يقرره قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [1]. وقوله: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [2]. وقوله: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [3]، وهو ما قد يحمل على معنى توزيعي. بل إن القاعدة الواحدة، ولتكن قاعدة العدالة، أو الفضيلة بعامة، يجب على كل فرد أن يطبقها على نسق واحد، سواء أكان تطبيقه لها على نفسه، أم على الآخرين: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [4]. {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [5]. {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا [1] الأعراف: 158. [2] الأنعام: 19. [3] الفرقان: 1. [4] البقرة: 44. [5] البقرة: 267.