عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [1]. وسواء أكان هذا التطبيق على أقربائه، أم على البعداء، على الأغنياء، أم على الفقراء: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} [2]. وسواء أكان خارج الجماعة أم داخلها: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [3]. على الأصدقاء أم على الأعداء: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [4].
بل إنه، حتى في الحالة التي لا يشتمل نص التشريع فيها على لفظ عام، وحتى لو كان منزلًا بمناسبة ظرف فردي -فإنه يعتبر من حيث المبدأ قابلًا للشمول، أعني أن من الممكن أن ينطبق على جميع الحالات المماثلة، ومن ذلك ما أعلنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" [5].
وقد ذهب الجمهور إلى أن الحكم الوارد بشأن فرد واحد ينطبق على جميع الناس، ما دام القياس واضحًا بدرجة تقترب من التماثل. أعني: ما دامت الحالتان لا تفترقان إلا في صفات فردية يمكن التسامح فيها "بأن تختلفا في الأفراد، أو الزمان، أو المكان".
وأعتى خصوم القياس هجومًا عليه، من أمثال ابن جزم، يؤيدون [1] المطففين: 1-3. [2] النساء: 135. [3] آل عمران: 75-76. [4] المائدة: 2 و8. [5] موطأ مالك 3/ 147, باب البيعة. وفي رواية: "مثل قولي لامرأة واحدة" "المعرب".