أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [1]. {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [2]. {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [3]. {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [4]. {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [5].
وهكذا يكون للفرد أمام الواجب الاختيار بحسب الواقع، ولكنه لا يملك هذا الاختيار شرعًا. فالضرورة الأخلاقية ليست إذن ضرورة وجودية، بل هي ضرورة مثالية. ومع ذلك يجب ألا نلبسها بالضرورة المنطقية، فكل ما هو ضروري منطقيًّا يفرض نفسه على العقل مسلمة من المسلمات، إذ ليس بوسع المرء ألا يرى ما رآه جليًّا، وكل ما هو ملزم أخلاقيًّا يفرض نفسه على الإرادة على أنه شيء لَمَّا يكن، ولكن يجب أن يكون. وهو ينتج من حكم على قيمة، لا من حكم على واقع.
وهكذا يتمثل سلطان الواجب بطابعه الخاص الأصيل، فهو لا يقهر الجوارح، ولا يُكْرِه المدارك، ولكن يفرض نفسه بخاصة على الضمير.
ومع ذلك اعتقد "كانت" أنه يستطيع أن يرد اللاأخلاقي L ' IMMORAL إلى ما ينافي المنطق L' ABSURDE، وإلى اللاعقلي L' IRRATIONNEL. وكان من قوله: "إن أي مبدأ خاطئ لا يمكن أن يقوم على هيئة قانون شامل دون أن يؤدي إلى تناقض، سواء في مفهومه ذاته، أو في الإرادة التي تريد رفعه إلى مرتبة الشمول"[6]. [1] النساء: 80. [2] البقرة: 256. [3] الغاشية: 22. [4] يونس: 99. [5] النور: 54. [6] Kant: fondement De La metaphysique des moeurs, P. 142: