فبدلًا من القول "بالتناقض" نجد أن بعض من يرى تسمية الأشياء بأسمائها يقول فقط: إنه "تعويق", أو "إخفاق" فهو تعويق للمثل الأعلى الذي ينزع إلى التدخل في الواقع، ولكنه يجد نفسه ممنوعًا منه، وهو إخفاق للضمائر الأخلاقية في انتظارها للقيمة.
لسنا نريد أن نتلعب بالكلمات، وليطلقوا ما يشاءون على هذا العمل، الذي لم تعد به الوديعة وديعة، فإن ما يثبت أن الخطأ الأخلاقي لا يكمن في هذا التبديل البسيط هو أنه يكفي أن يغير صفته أحد العوامل الأخلاقية "كأن يتنازل المالك عن حقه للمستودَع" لكي يصبح غير مستحق للوم.
فلننظر الآن. لا أقول: في واقعة رفض إنسان للتكليف الأخلاقي بالتزام كلمته بعد قبوله، ولكن في مبدأ شخص كهذا يسمح لنفسه في حال حاجته، أن يعطي وعدًا كاذبًا، ما الذي يحدث على وجه الدقة إذا ما حولنا هذا المبدأ إلى قانون شامل؟
لا شك أن الارتقاء -إلى هذا المستوى- بالعمل الذي يسمح الإنسان به لكل فرد أن يخدع الآخرين -سوف يعرض للضرر من لم يكن يريد له هذا الإنسان أن يخدع به. ومنذئذ يبدو التعارض، وقد انتقل إلى الصعيد التشريعي ذاته.
ولكن هل يستتبع هذا التنازع في الواقع تناقضًا: إنه يريد، ولا يريد -أن يكون مخدوعًا؟ إننا نعتقد أن هذا التعارض الظاهر لم ينشأ إلا عن غموض في معنى اللفظ "يريد"، الذي يؤدي هنا دورًا مزدوجًا، عمليًّا ACTIF، وعاطفيًّا AFFECTIF. فالواقع أن "إرادتنا" بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهو أنها القدرة على اتخاذ قرار -تستطيع تمامًا -كما يفعل المولع بالمخاطرة - أن تقر نظامًا عامًّا، يكون امتداده قابلًا ليؤثر فيما نطلق عليه اصطلاحًا كلمة "إرادة"، وهي ليست سوى حساسيتنا أو قدرتنا على الرغبة.