يكون من قبيل اللاإرادي. وهكذا نجد أن حب الله، وهو حالة عاطفية ولا إرادية في ذاتها، يمكن أن يكتسب بوساطة عمل إرادي، هو التأمل في رحمة الله التي لا تنتهي، وتذكر فضله الذي لا يفتأ يفيضه علينا؛ ذلك أن الناس جبلوا على حب من يسدي إليهم معروفًا، وبهذا المعنى غير المباشر أصبح حب الله أمرًا في قوله, صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة" [1]. وكذلك يمكن أن يكون حب الأقربين أمرًا محتومًا بفضل طرق شبيهة بتلك نسبيًّا، أو بفضل تصرفات عملية أخرى أكثر تقبلًا، وهي ما نجد له مثالًا طيبًا في قول النبي, صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء" [2]. وفي مقابل ذلك يبدو لنا الأمر: "لا تغضب" [3]، مشيرًا إلى آثار هذه العاطفة، أكثر من أن يكون مشيرًا إلى أسبابها، إنه يريد أن يقول إذن: "لا تخلوا بين أنفسكم وبين الانزلاق في نتائج الغضب الطائشة، وقاوموا الحركات التي تسير في اتجاه فاسد بتوجيهها وجهة أخرى"[4].
بل إن العقيدة نفسها يمكن أن ينظر إليها على أنها إلزام منبثق عن أمر [1] رواه الترمذي، وذكره السيوطي في الجامع الصغير. [2] رواه مالك في الموطأ 3/ 100، وزاد المؤلف "الغل عنكم" وقد يكون معنى: "تصافحوا" من الصفح، أو من المصافحة. "المعرب". [3] البخاري, كتاب الأدب, باب 76. [4] الواقع أننا نجد لهذا الموضوع علاجًا مشارًا إليه في الأحاديث، فقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- كل من يتعرض لهذه العاطفة العنيفة أن ينعش وجهه وجوارحه بوضوء: "فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". أبو داود, كتاب الأدب, باب 3، ويعتمد علاج آخر على تغيير الوضع المادي: أن يجلس الغاضب إذا كان قائمًا: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليقعد، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع" - المرجع السابق.
وهنا مجال لمقارنة كل هذه الأساليب الفنية النفسية - العضوية بنظرية ديكارت ومالبرانش، التي قدمها كل منهما عن فن السيطرة على العواطف: -L ' ART DE MAITRISER LES PASSIONS-