نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 58
والذي يعلم السر وأخفى، والذي لا يغفل عن الإنسان لحظة واحدة، ولا يتركه أينما كان. حين يحس بمراقبة الله الدائمة له في كل تصرف، وكل فكرة، وكل شعور، وكل هاجسة في النفس مستورة، وكل خائنة في العين خافية. يهتز ويرتعش، ويخر خاشعًا، ويراقب الله في الصغيرة والكبيرة، وفي الجهر وفي الخفاء.
يراقبه وهو يعمل، ويراقبه وهو يفكر، ويراقبه وهو يحس.
يراقبه وهو يعمل. فلا يعمل شيئًا بغير إخلاص. لا يعمل شيئًا بقصد الشر. لا يعمل شيئًا دون تمعن وتفكر. لا يعمل مستهترًا ولا مستهينًا بالعواقب.. ولا يعمل شيئًا لغير الله!
إن الله لا يحاسبه على ظاهر عمله. إنما يحاسبه على النية وراء العمل، وعلى الإخلاص فيه: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" [1].
والله لا يقبل أن يكون شيء من العمل لغير وجهه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزًّا يلتمس الأجر والذكر. ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"! فأعادها ثلاث مرات, ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"! ثم قال: "إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغى به وجهه" [2].
ويراقبه وهو يفكر. فالله مطلع على أفكاره. يراقبه فلا يفكر في الشر ولا يتمناه للناس. وإنما يفكر فيما ينفع الخلق. يفكر في أن يعمل صالحًا. حتى يصبح الخير له عادة متأصلة نابعة من أعماق النفس.
ويراقبه وهو يحس. فالله يعلم السر وما أخفى من السر. الهاجسة في باطن النفس لم يطلع عليها أحد، ولم تتبين حتى لصاحبها لأنها مطمورة في الأعماق! يراقبه فلا يحس بإحساس غير نظيف. يراقبه فينظف مشاعره أولًا بأول. لا يحسد. ولا يحقد. ولا يكره للناس الخير. ولا يتمنى أن يحرمهم منه ويستحوذ هو عليه. ولا يتشهى الشهوات الباطلة والمتاع الدنس! إنه ليس وحده! ولا يكون مطلقًا وحده! "والأخلاق" التي ينبغي له أن [1] البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [2] أبو داود والنسائي.
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 58