نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 59
يتخلق بها ليست نفاقًا اجتماعيًّا، يلبسها أمام الناس ليقال عنه إنه فاضل، أو لأنه لا يملك الظهور أمامهم بأدرانه وخباياه. بل هي أخلاق تنبعث من الداخل. من الإيمان بها. والإيمان بالله. إنه ينظف سلوكه وفكره وشعوره لا لأن الناس معه وهو مضطر إزاءهم أن يتنظف. وإنما لأن معه دائمًا وفي كل لحظة الله: {وَهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا} وهو لا يملك أن يستتر من الله كما يستتر من الناس. لا يملك أن يغلق على نفسه بابًا لا يراه الله من ورائه. ولا أن يقيم حول مشاعره المنحرفة سياجًا يحميه من علم الله. وما دام يحفظ الله في قلبه، فليكن قلبه نظيفًا لا يتدنس بالأدران! قال: وما الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [1].
وحين توجد في القلب هذه الحساسية المرهفة تجاه الله، تستقيم النفس ويستقيم المجتمع وتستقيم جميع الأمور.
ويعيش المجتمع نظيفًا من الجريمة. نظيفًا من الدنس، نظيفًا من الأحقاد، لأنه لا يتعامل في الحقيقة بعضه مع بعض، وإنما يتعامل أولًا مع الله.
وحين يعيش الإنسان في جو الإسلام وجو القرآن، لا يملك نفسه من حب الله، حتى وهو يخافه ويخشاه!
إنها عجيبة من عجائب العقيدة.
في ظل العقيدة يتطلع القلب إلى الله بحب دافق وشوق دائم للقياه.
كيف يتم ذلك؟
إنه ليس عملًا واحدًا، ولا كلمة واحدة، ولا شعورًا واحدًا، ولا لمسة واحدة.
إنما هو مزيج من الأعمال والأقوال والمشاعر واللمسات.. كلها في النهاية تحدث هذا الحب المتدفق الفياض.
الحياة الدائمة مع الله.. في صفحة الكون وباطن النفس.
التطلع الدائم إلى الله. في السموات والأرض.. وفي الظاهر والباطن.
في السر والجهر.. في المعلوم والمجهول. [1] أخرجه البخاري من حديث الإيمان. انظر فصل: "تعبد الله كأنك تراه" في كتاب "قبسات من الرسول".
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 59